للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حققناه في كتاب الهبة، ولأن القبول يتوقف على الموت والإيجاب يصح إبطاله قبل القبول كما في البيع.

قال: "وإذا صرح بالرجوع أو فعل ما يدل على الرجوع كان رجوعا" أما الصريح فظاهر، وكذا الدلالة لأنها تعمل عمل الصريح فقام مقام قوله قد أبطلت، وصار كالبيع بشرط الخيار فإنه يبطل الخيار فيه بالدلالة، ثم كل فعل لو فعله الإنسان في ملك الغير ينقطع به حق المالك، فإذا فعله الموصي كان رجوعا، وقد عددنا هذه الأفاعيل في كتاب الغصب. وكل فعل يوجب زيادة في الموصى به ولا يمكن تسليم العين إلا بها فهو رجوع إذا فعله، مثل السويق يلته بالسمن والدار يبني فيه الموصي والقطن يحشو به والبطانة يبطن بها والظهارة يظهر بها، لأنه لا يمكنه تسليمه بدون الزيادة، ولا يمكن نقضها لأنه حصل في ملك الموصي من جهته، بخلاف تخصيص الدار الموصى بها وهدم بنائها لأنه تصرف في التابع، وكل تصرف أوجب زوال ملك الموصي فهو رجوع، كما إذا باع العين الموصى به ثم اشتراه أو وهبه تم رجع فيه لأن الوصية لا تنفذ إلا في ملكه، فإذا أزاله كان رجوعا. وذبح الشاة الموصى بها رجوع لأنه للصرف إلى حاجته عادة، فصار هذا المعنى أصلا أيضا، وغسل الثوب الموصى به لا يكون رجوعا لأن من أراد أن يعطي ثوبه غيره يغسله عادة فكان تقريرا.

قال: "وإن جحد الوصية لم يكن رجوعا" كذا ذكره محمد. وقال أبو يوسف: يكون رجوعا، لأن الرجوع نفي في الحال والجحود نفي في الماضي والحال، فأولى أن يكون رجوعا، ولمحمد أن الجحود نفي في الماضي والانتفاء في الحال ضرورة ذلك، وإذا كان ثابتا في الحال كان الجحود لغوا، أو لأن الرجوع إثبات في الماضي ونفي في الحال والجحود نفي في الماضي والحال فلا يكون رجوعا حقيقة ولهذا لا يكون جحود النكاح فرقة "ولو قال كل وصية أوصيت بها لفلان فهو حرام وربا لا يكون رجوعا" لأن الوصف يستدعي بقاء الأصل "بخلاف ما إذا قال فهي باطلة" لأنه الذاهب المتلاشي "ولو قال أخرتها لا يكون رجوعا" لأن التأخير ليس للسقوط كتأخير الدين "بخلاف ما إذا قال تركت" لأنه إسقاط "ولو قال العبد الذي أوصيت به لفلان فهو لفلان كان رجوعا" لأن اللفظ يدل على قطع الشركة "بخلاف ما إذا أوصى به لرجل ثم أوصى به لآخر" لأن المحل يحتمل الشركة واللفظ صالح لها "وكذا إذا قال فهو لفلان وارثي يكون رجوعا عن الأول" لما بينا ويكون وصية للوارث. وقد ذكرنا حكمه "ولو كان فلان الآخر ميتا حين أوصى فالوصية الأولى على حالها" لأن الوصية الأولى إنما تبطل ضرورة كونها للثاني ولم يتحقق فبقي للأول "ولو كان فلان حين قال ذلك حيا ثم مات قبل موت الموصي فهي

<<  <  ج: ص:  >  >>