قال:"ولا تصح وصية الصبي" وقال الشافعي: تصح إذا كان في وجوه الخير لأن عمر رضي الله عنه أجاز وصية يفاع أو يافاع وهو الذي راهق الحلم، ولأنه نظر له بصرفه إلى نفسه في نيل الزلفى، ولو لم تنفذ يبقى على غيره. ولنا أنه تبرع والصبي ليس من أهله، ولأن قوله غير ملزوم وفي تصحيح وصيته قول بإلزام قوله والأثر محمول على أنه كان قريب العهد بالحلم مجازا أو كانت وصيته في تجهيزه وأمر دفنه، وذلك جائز عندنا، وهو يحرز الثواب بالترك على ورثته كما بيناه، والمعتبر في النفع والضرر النظر إلى أوضاع التصرفات لا إلى ما يتفق بحكم الحال اعتبره بالطلاق فإنه لا يملكه ولا وصيه وإن كان يتفق نافعا في بعض الأحوال، وكذا إذا أوصى ثم مات بعد الإدراك لعدم الأهلية وقت المباشرة وكذا إذا قال إذا أدركت فثلث مالي لفلان وصية لقصور أهليته فلا يملكه تنجيزا وتعليقا كما في الطلاق والعتاق، بخلاف العبد والمكاتب لأن أهليتهما مستتمة والمانع حق المولى فتصح إضافته إلى حال سقوطه.
قال:"ولا تصح وصية المكاتب وإن ترك وفاء" لأن ماله لا يقبل التبرع، وقيل على قول أبي حنيفة لا تصح، وعندهما تصح ردا لها إلى مكاتب يقول كل مملوك أملكه فيما أستقبل فهو حر ثم عتق فملك، والخلاف فيها معروف عرف في موضعه.
قال:"وتجوز الوصية للحمل وبالحمل إذا وضع لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية" أما الأول فلأن الوصية استخلاف من وجه لأنه يجعله خليفة في بعض ماله والجنين صلح خليفة في الإرث فكذا في الوصية إذ هي أخته، إلا أن يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك، بخلاف الهبة، لأنها تمليك محض ولا ولاية لأحد عليه ليملكه شيئا. وأما الثاني فلأنه بعرض الوجود، إذ الكلام فيما إذا علم وجوده وقت الوصية، وبابها أوسع لحاجة الميت وعجزه، ولهذا تصح في غير الموجود كالثمرة فلأن تصح في الموجود أولى.
قال:"ومن أوصى بجارية إلا حملها صحت الوصية والاستثناء" لأن اسم الجارية لا يتناول الحمل لفظا ولكنه يستحق بالإطلاق تبعا، فإذا أفرد الأم بالوصية صح إفرادها، ولأنه يصح إفراد الحمل بالوصية فجاز استثناؤه، وهذا هو الأصل أن ما يصح إفراده بالعقد يصح استثناؤه منه، إذ لا فرق بينهما، وما لا يصح إفراده بالعقد لا يصح استثناؤه منه، وقد مر في البيوع.
قال:"ويجوز للموصي الرجوع عن الوصية" لأنه تبرع لم يتم فجاز الرجوع عنه كالهبة