{فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}[البقرة: ١٩٦] ولنا أنه أداء بعد انعقاد سببه والمراد بالحج المذكور في النص وقته على ما بينا " والأفضل تأخيرها إلى آخر وقتها وهو يوم عرفة " لما بينا في القران " وإن أراد المتمتع أن يسوق الهدي أحرم وساق هديه " وهذا أفضل لأن النبي عليه الصلاة والسلام ساق الهدايا مع نفسه ولأن فيه استعدادا ومسارعة " فإن كانت بدنة قلدها بمزادة أو نعل " لحديث عائشة رضي الله عنها على ما رويناه والتقليد أولى من التجليل لن له ذكرا في الكتاب ولأنه للإعلام والتجليل للزينة ويلبي ثم يقلد لأنه يصير محرما بتقليد الهدي والتوجه معه على ما سبق والأولى أن يعقد الإحرام بالتلبية ويسوق الهدي وهو أفضل من أن يقودها لأنه عليه الصلاة والسلام أحرم بذي الحليفة وهداياه تساق بين يديه ولأنه أبلغ في التشهير إلا إذا كانت لا تنقاد فحينئذ يقودها.
قال:" وأشعر البدنة عند أبي يوسف ومحمد " رحمهما الله " ولا يشعر عند أبي حنيفة " رحمه الله " ويكره " والإشعار هو الإدماء بالجرح لغة " وصفته أن يشق سنامها " بأن يطعن في أسفل السنام " من الجانب الأيمن أو الأيسر " قالوا: والأشبه هو الأيسر لأن النبي عليه الصلاة والسلام طعن في جانب اليسار مقصودا وفي جانب الأيمن اتفاقا ويلطخ سنامها بالدم إعلاما وهذا الصنع مكروه عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما حسن وعند الشافعي رحمه الله سنة لأنه مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ولهما أن المقصود من التقليد أن لا يهاج إذا ورد ماء أو كلأ أو يرد إذا ضل وأنه في الإشعار أتم لأنه ألزم فمن هذا الوجه يكون سنة إلا أنه عارضته جهة كونه مثلة فقلنا بحسنه ولأبي حنيفة رحمه الله أنه مثلة وأنه منهي عنه ولو وقع التعارض فالترجيح للمحرم وإشعار النبي عليه الصلاة والسلام كان لصيانة الهدي لأن المشركين لا يمتنعون عن تعرضه إلا به وقيل إن أبا حنيفة كره إشعار أهل زمانه لمبالغتهم فيه على وجه يخاف منه السراية وقيل إنما كره إيثاره على التقليد.
قال:" فإذا دخل مكة طاف وسعى " وهذا للعمرة على ما بينا في متمتع لا يسوق الهدي " إلا أنه لا يتحلل حتى يحرم بالحج يوم التروية " لقوله عليه الصلاة والسلام " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة وتحللت منها " وهذا ينفي التحلل عند سوق الهدي " ويحرم بالحج يوم التروية " كما يحرم أهل مكة على ما بينا " وإن قدم الإحرام قبله جاز وما عجل المتمتع من الإحرام بالحج فهو أفضل " لما فيه من المسارعة وزيادة المشقة وهذه الأفضلية في حق من ساق الهدي وفي حق من لم يسق " وعليه دم " وهو دم