التمتع على ما بينا " وإذا حلق يوم النحر فقد حل من الإحرامين " لأن الحلق محلل في الحج كالسلام في الصلاة فيتحلل به عنهما.
قال:" وليس لأهل مكة تمتع ولا قران وإنما لهم الإفراد خاصة " خلافا للشافعي رحمه الله والحجة عليه قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٩٦] ولأن شرعهما للترفه بإسقاط إحدى السفرتين وهذا في حق الأفاقي " ومن كان داخل المواقيت فهو بمنزلة المكي حتى لا يكون له متعة ولا قران " بخلاف المكي إذا خرج إلى الكوفة وقرن حيث يصح لأن عمرته وحجته ميقاتيتان فصار بمنزلة الأفاقي " وإذا عاد المتمتع إلى بلده بعد فراغه من العمرة ولم يكن ساق الهدي بطل تمتعه " لأنه ألم بأهله فيما بين النسكين إلماما صحيحا وبذلك يبطل التمتع كذا روي عن عدة من التابعين " وإذا ساق الهدي فإلمامه لا يكون صحيحا ولا يبطل تمتعه " عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يبطل لأنه أداهما بسفرتين ولهما أن العود مستحق عليه ما دام على نية التمتع لأن السوق يمنعه من التحلل فلم يصح إلمامه بخلاف المكي إذا خرج إلى الكوفة وأحرم بعمرة وساق الهدي حيث لم يكن متمتعا لأن العود هناك غير مستحق عليه فصح إلمامه بأهله " ومن أحرم بعمرة قبل أشهر الحج فطاف لها أقل من أربعة أشواط ثم دخلت أشهر الحج فتممها وأحرم بالحج كان متمتعا " لأن الإحرام عندنا شرط فيصح تقديمه على أشهر الحج وإنما يعتبر أداء الأفعال فيها وقد وجد الأكثر وللأكثر حكم الكل " وإن طاف لعمرته قبل أشهر الحج أربعة أشواط فصاعدا ثم حج من عامه ذلك لم يكن متمتعا " لأنه أدى الأكثر قبل أشهر الحج وهذا لأنه صار بحال لا يفسد نسكه بالجماع فصار كما إذا تحلل منها قبل اشهر الحج ومالك رحمه الله يعتبر الإتمام في أشهر الحج والحجة عليه ما ذكرنا ولأن الترفق بأداء الأفعال والمتمتع المترفق بأداء النسكين في سفرة واحدة في أشهر الحج.
قال:" واشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " كذا روي عن العبادلة الثلاثة وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم أجمعين ولأن الحج يفوت بمضي عشر ذي الحجة ومع بقاء الوقت لا يتحقق الفوات وهذا يدل على أن المراد من قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: ١٩٧] شهران وبعض الثالث لا كله " فإن قدم الإحرام بالحج عليها جاز إحرامه وانعقد حجا " خلافا للشافعي رحمه الله فإن عنده يصير محرما بالعمرة لأنه ركن عنده وهو شرط عندنا فأشبه الطهارة في جواز التقديم على الوقت ولأن الإحرام تحريم أشياء وإيجاب أشياء وذلك يصح في كل زمان فصار كالتقديم على المكان.