بالاتفاق " لأنه لم يملكه بالأخذ فإن الصيد لم يبق محلا للتملك في حق المحرم لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً}[المائدة: ٩٦] فصار كما إذااشترى الخمر "فإن قتله محرم آخر في يده فعلى كل واحد منهما جزاؤه " لأن الآخذ متعرض للصيد الآمن والقاتل مقرر لذلك والتقرير كالابتداء في حق التضمين كشهود الطلاق قبل الدخول إذا رجعوا " ويرجع الآخذ على القاتل " وقال زفر رحمه الله لا يرجع لأن الآخذ مؤاخذ بصنعه فلا يرجع على غيره ولنا أن الآخذ إنما يصير سببا للضمان عند اتصال الهلاك به فهو بالقتل جعل فعل الآخذ علة فيكون في معنى مباشرة علة العلة فيحال بالضمان عليه.
" فإن قطع حشيش الحرم أو شجرة ليست بمملوكة وهو مما لا ينبته الناس فعليه قيمته إلا فيما جف منه " لأن حرمتهما ثبتت بسبب الحرم قال عليه الصلاة والسلام " لا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها " ولا يكون للصوم في هذه القيمة مدخل لأن حرمة تناولها بسبب الحرم لا بسبب الإحرام فكان من ضمان المحال على ما بينا ويتصدق بقيمته على الفقراء وإذا أداها ملكه كما في حقوق العباد ويكره بيعه بعد القطع لأنه ملكه بسبب محظور شرعا فلو أطلق له في بيعه لتطرق الناس إلى مثله إلا أنه يجوز البيع مع الكراهة بخلاف الصيد والفرق ما نذكره والذي ينبته الناس عادة عرفناه غير مستحق للأمن بالإجماع ولأن المحرم المنسوب إلى الحرم والنسبة إليه على الكمال عند عدم النسبة إلى غيره بالإنبات ومالا ينبت عادة إذا أنبته إنسان التحق بما ينبت عادة ولو نبت بنفسه في ملك رجل فعلى قاطعه قيمتان قيمة لحرمة الحرم حقا للشرع وقيمة أخرى ضمانا لمالكه كالصيد المملوك في الحرم وما جف من شجر الحرم لا ضمان فيه لأنه ليس بنام " ولا يرعى حشيش الحرم ولا يقطع إلا الإذخر " وقال أبو يوسف رحمه الله لا بأس بالرعي لأن فيه ضرورة فإن منع الدواب عنه متعذر ولنا ما روينا والقطع بالمسافر كالقطع بالمناجل وحمل الحشيش من الحل ممكن فلا ضرورة بخلاف الإذخر لأنه استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجوز قطعه ورعيه وبخلاف الكمأة لأنها ليست من جملة النبات " وكل شيء فعله القارن مما ذكرنا أن فيه على المفرد دما فعليه دمان دم لحجته ودم لعمرته " وقال الشافعي رحمه الله دم واحد بناء على أنه محرم بإحرام واحد عنده وعندنا بإحرامين وقد مر من قبل.
قال: "إ لا أن يتجاوز الميقات غير محرم بالعمرة أو الحج فيلزمه دم واحد " خلافا لزفر رحمه الله لما أن المستحق عليه عند الميقات إحرام واحد وبتأخير واجب واحد لا يجب إلا جزاء واحد.
" وإذا اشترك محرمان في قتل صيد فعلى كل واحد منهما جزاء كامل " لأن كل واحد