الجناية على مال الغير لا تظهر إلا بخصومته "وكذا إذا غاب عند القطع عندنا " لأن الاستيفاء من القضاء في باب الحدود.
" وللمستودع والغاصب وصاحب الربا أن يقطعوا السارق منهم ولرب الوديعة أن يقطعه أيضا وكذا المغصوب منه " وقال زفر والشافعي رحمهما الله لا يقطع بخصومة الغاصب والمستودع وعلى هذا الخلاف المستعير والمستأجر والمضارب والمستبضع والقابض على سوم الشراء والمرتهن وكل من له يد حافظة سوى المالك ويقطع بخصومة المالك في السرقة من هؤلاء إلا أن الراهن إنما يقطع بخصومته حال قيام الرهن بعد قضاء الدين لأنه لا حق له في المطالبة بالعين بدونه والشافعي رحمه الله بناه على أصله لا خصومة لهؤلاء في الاسترداد عنده وزفر رحمه الله يقول ولاية الخصومة في حق الاسترداد ضرورة الحفظ فلا تظهر في حق القطع لأن فيه تفويت الصيانة ولنا أن السرقة موجبة للقطع في نفسها وقد ظهرت عند القاضي بحجة شرعية وهي شهادة رجلين عقيب خصومة معتبرة مطلقا إذ الاعتبار لحاجتهم إلى الاسترداد فيستوفي القطع والمقصود من الخصومة إحياء حقه وسقوط العصمة ضرورة الاستيفاء فلم يعتبر ولا معتبر بشبهة موهومة الاعتراض كما إذا حضر المالك وغاب المؤتمن فإنه يقطع بخصومته في ظاهر الرواية وإن كانت شبهة الإذن في دخول الحرز ثابتة " وإن قطع سارق فسرقت منه لم يكن له ولا لرب السرقة أن يقطع السارق الثاني " لأن المال غير متقوم في حق السارق حتى لا يجب عليه الضمان بالهلاك فلم تنعقد موجبة في نفسها وللأول ولاية الخصومة في الاسترداد في رواية لحاجته إذ الرد واجب عليه.
" ولو سرق الثاني قبل أن يقطع الأول أو بعد ما درئ الحد بشبهة يقطع بخصومة الأول " لأن سقوط التقوم ضرورة القطع ولم يوجد فصار كالغاصب.
" ومن سرق سرقة فردها على المالك قبل الارتفاع إلى الحاكم لم يقطع " وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يقطع اعتبارا بما إذا رده بعد المرافعة وجه الظاهر أن الخصومة شرط لظهور السرقة لأن البينة إنما جعلت حجة ضرورة قطع المنازعة وقد انقطعت الخصومة بخلاف ما عبد المرافعة لانتهاء الخصومة لحصول مقصودها فتبقى تقديرا.
" وإذا قضي على رجل بالقطع في سرقة فوهبت له لم يقطع " معناه إذا سلمت إليه " وكذلك إذا باعها المالك إياه " وقال زفر والشافعي رحمهما الله يقطع وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله لأن السرقة قد تمت انعقادا وظهورا وبهذا العارض لم يتبين قيام الملك