وقت السرقة فلا شبهة ولنا أن الإمضاء من القضاء في هذا الباب لوقوع الاستغناء عنه بالاستيفاء إذ القضاء للإظهار والقطع حق الله تعالى وهو ظاهر عنده وإذا كان كذلك يشترط قيام الخصومة عند الاستيفاء وصار كما إذا ملكها منه قبل القضاء قال " وكذلك إذا نقصت قيمتها من النصاب " يعني قبل الإستيفاء بعد القضاء وعن محمد رحمه الله أنه يقطع وهو قول زفر والشافعي رحمهما الله اعتبارا بالنقصان في العين ولنا أن كمال النصاب لما كان شرطا يشترط قيامه عند الإمضاء لما ذكرنا بخلاف النقصان في العين لأنه مضمون عليه فكمل النصاب عينا ودينا كما إذا استهلك كله أما نقصان السعر فغير مضمون فافترقا.
" وإذا ادعى السارق أن العين المسروقة ملكه سقط القطع عنه وإن لم يقم بينة " معناه بعد ما شهد الشاهدان بالسرقة وقال الشافعي رحمه الله لا يسقط بمجرد الدعوى لأنه لا يعجز عنه سارق فيؤدي إلى سد باب الحد ولنا أن الشبهة دارئة تتحقق بمجرد الدعوى للاحتمال ولا معتبر بما قال بدليل صحة الرجوع بعد الإقرار.
" وإذا أقر رجلان بسرقة ثم قال أحدهما هو مالي لم يقطعا " لأن الرجوع عامل في حق الراجع ومورث للشبهة في حق الآخر لأن السرقة تثبت بإقرارهما على الشركة " فإن سرقا ثم غاب أحدهما وشهد الشاهدان على سرقتهما قطع الآخر في قول أبي حنيفة رحمه الله الآخر وهو قولهما " وكان يقول أولا لا يقطع لأنه لو حضر ربما يدعي الشبهة وجه قوله الآخر أن الغيبة تمنع ثبوت السرقة على الغائب فيبقى معدوما والمعدوم لا يورث الشبهة ولا معتبر بتوهم حدوث الشبهة على ما مر.
" وإذا أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها فإنه يقطع وترد السرقة إلى المسروق منه " وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله.
وقال أبو يوسف رحمه الله يقطع والعشرة للمولى وقال محمد رحمه الله لا يقطع والعشرة للمولى وهو قول زفر رحمه الله ومعنى هذا إذا كذبه المولى.
" ولو أقر بسرقة مال مستهلك قطعت يده ولو كان العبد مأذونا له يقطع في الوجهين " وقال زفر رحمه الله لا يقطع في الوجوه كلها لأن الأصل عنده أن إقرار العبد على نفسه بالحدود والقصاص لا يصح لأنه يرد على نفسه وطرفه وكل ذلك مال المولى والإقرار على الغير غير مقبول إلا أن المأذون له يؤاخذ بالضمان والمال لصحة إقراره به لكونه مسلطا عليه من جهته والمحجور عليه لا يصح إقراره بالمال أيضا ونحن نقول يصح إقراره من حيث إنه آدمي ثم يتعدى إلى المالية فيصح من حيث إنه مال ولأنه لا تهمة في هذا الإقرار،