يكون غصبا في يده فلا يأمر فيه بالإنفاف وإنما يأمر به في الوديعة فلا بد من البينة لكشف الحال وليست البينة تقام للقضاء وإن قال لا بينة لي يقول القاضي له أنفق عليه إن كنت صادقا فيما قلت حتى ترجع على المالك إن كان صادقا ولا يرجع إن كان غاصبا وقوله في الكتاب وجعل النفقة دينا على صاحبها إشارة إلى أنه إنما يرجع على المالك بعد ما حضر ولم تبع اللقطة إذا شرط القاضي الرجوع على المالك وهذه رواية وهو الأصح.
قال:" وإذا حضر " يعني " المالك فللملتقط أن يمنعها منه حتى يحضر النفقة " لأنه حي بنفقته فصار كأنه استفاد الملك من جهته فأشبه المبيع وأقرب من ذلك راد الآبق فإن له الحبس لاستيفاء الجعل لما ذكرنا ثم لا يسقط دين النفقة بهلاكه في يد الملتقط قبل الحبس ويسقط إذا هلك بعد الحبس لأنه يصير بالحبس شبيه الرهن.
قال:" ولقطة الحل والحرم سواء " وقال الشافعي يجب التعريف في لقطة الحرم إلى أن يجيء صاحبها لقوله عليه الصلاة والسلام في الحرم " ولا يحل لقطتها إلا لمنشد " ولنا قوله عليه الصلاة والسلام " اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة " من غير فصل ولأنها لقطة وفي التصدق بعد مدة التعريف إبقاء ملك المالك من وجه فيملكه كما في سائرها وتأويل ما روي أنه لا يحل الالتقاط إلا للتعريف والتخصيص بالحرم لبيان أنه لا يسقط التعريف فيه لمكان أنه للغرباء ظاهرا.
قال:" وإذا حضر رجل فادعى اللقطة لم ندفع إليه حتى يقيم البينة فإن أعطى علامتها حل للملتقط أن يدفعها إليه ولا يجبر على ذلك في القضاء " وقال مالك والشافعي يجبر والعلامة مثل أن يسمي وزن الدراهم وعددها ووكاءها ووعاءها لهما أن صاحب اليد ينازعه في اليد ولا ينازعه في الملك فيشترط الوصف لوجود المنازعة من وجه ولا تشترط إقامة البينة لعدم المنازعة من وجه ولنا أن اليد حق مقصود كالملك فلا يستحق إلا بحجة وهو البينة اعتبارا بالملك إلا أنه يحل له الدفع عند إصابة العلامة لقوله عليه الصلاة والسلام " فإن جاء صاحبها وعرف عفاصها وعددها فادفعها إليه " وهذا للإباحة عملا بالمشهور وهو قوله عليه الصلاة والسلام " البينة على المدعي " الحديث ويأخذ منه كفيلا إذا كان يدفعها إليه استيثاقا وهذا بلا خلاف لأنه يأخذ الكفيل لنفسه بخلاف التكفيل لوارث غائب عنده وإذا صدق قيل لا يجبر على الدفع كالوكيل بقبض الوديعة إذا صدقه وقيل يجبر لأن المالك ههنا غير ظاهر والمودع مالك ظاهر.
" ولا يتصدق باللقطة على غني " لأن المأمور به هو التصدق لقوله عليه الصلاة