للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالموت فالصحيح أنه لا يزول ملكه إلا أنه تصدق بمنافعه مؤبدا فيصير بمنزلة الوصية بالمنافع مؤبدا فيلزم، والمراد بالحاكم المولى، فأما المحكم ففيه اختلاف المشايخ. ولو وقف في مرض موته قال الطحاوي: هو بمنزلة الوصية بعد الموت. والصحيح أنه لا يلزمه عند أبي حنيفة، وعندهما يلزمه إلا أنه يعتبر من الثلث والوقف في الصحة من جميع المال، وإذا كان الملك يزول عندهما يزول بالقول عند أبي يوسف وهو قول الشافعي بمنزلة الإعتاق لأنه إسقاط الملك. وعند محمد لا بد من التسليم إلى المتولي لأنه حق الله تعالى، وإنما يثبت فيه في ضمن التسليم إلى العبد لأن التمليك من الله تعالى وهو مالك الأشياء لا يتحقق مقصودا، وقد يكون تبعا لغيره فيأخذ حكمه فينزل منزلة الزكاة والصدقة.

قال: "وإذا صح الوقف على اختلافهم" وفي بعض النسخ: وإذا استحق مكان قوله إذا صح "خرج من ملك الواقف ولم يدخل في ملك الموقوف عليه" لأنه لو دخل في ملك الموقوف عليه لا يتوقف عليه بل ينفذ بيعه كسائر أملاكه، ولأنه لو ملكه لما انتقل عنه بشرط المالك الأول كسائر أملاكه. قال رضي الله عنه: قوله خرج عن ملك الواقف يجب أن يكون قولهما على الوجه الذي سبق تقريره.

قال: "ووقف المشاع جائز عند أبي يوسف" لأن القسمة من تمام القبض والقبض عنده ليس بشرط فكذا تتمته. "وقال محمد: لا يجوز" لأن أصل القبض عنده شرط فكذا ما يتم به، وهذا فيما يحتمل القسمة، وأما فيما لا يحتمل القسمة فيجوز مع الشيوع عند محمد أيضا لأنه يعتبر بالهبة والصدقة المنفذة إلا في المسجد والمقبرة، فإنه لا يتم مع الشيوع فيما لا يحتمل القسمة أيضا عند أبي يوسف، لأن بقاء الشركة يمنع الخلوص لله تعالى، ولأن المهايأة فيهما في غاية القبح بأن يقبر فيه الموتى سنة، ويزرع سنة ويصلى فيه في وقت ويتخذ إصطبلا في وقت، بخلاف الوقف لإمكان الاستغلال وقسمة الغلة. ولو وقفه الكل ثم استحق جزء منه بطل في الباقي عند محمد لأن الشيوع مقارن كما في الهبة، بخلاف ما إذا رجع الواهب في البعض أو رجع الوارث في الثلثين بعد موت المريض وقد وهبه أو أوقفه في مرضه وفي المال ضيق، لأن الشيوع في ذلك طارئ. ولو استحق جزء مميز بعينه لم يبطل في الباقي لعدم الشيوع ولهذا جاز في الابتداء، وعلى هذا الهبة والصدقة المملوكة.

قال: "ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمد حتى يجعل آخره بجهة لا تنقطع أبدا. وقال أبو يوسف: إذا سمى فيه جهة تنقطع جاز وصار بعدها للفقراء

<<  <  ج: ص:  >  >>