للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن لم يسمهم". لهما أن موجب الوقف زوال الملك بدون التمليك وأنه يتأبد كالعتق، فإذا كانت الجهة يتوهم انقطاعها لا يتوفر عليه مقتضاه، فلهذا كان التوقيت مبطلا له كالتوقيت في البيع. ولأبي يوسف أن المقصود هو التقرب إلى الله تعالى وهو موفر عليه، لأن التقرب تارة يكون في الصرف إلى جهة تنقطع ومرة بالصرف إلى جهة تتأبد فيصح في الوجهين وقيل إن التأبيد شرط بالإجماع، إلا أن عند أبي يوسف لا يشترط ذكر التأبيد لأن لفظة الوقف والصدقة منبئة عنه لما بينا أنه إزالة الملك بدون التمليك كالعتق، ولهذا قال في الكتاب في بيان قوله وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم، وهذا هو الصحيح، وعند محمد ذكر التأبيد شرط لأن هذا صدقة بالمنفعة أو بالغلة، وذلك قد يكون مؤقتا وقد يكون مؤبدا فمطلقه لا ينصرف إلى التأبيد فلا بد من التنصيص.

قال: "ويجوز وقف العقار" لأن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم وقفوه "ولا يجوز وقف ما ينقل ويحول".

قال رضي الله عنه: وهذا على الإرسال قول أبي حنيفة "وقال أبو يوسف: إذا وقف ضيعة ببقرها وأكرتها وهم عبيده جاز" وكذا سائر آلات الحراسة لأنه تبع للأرض في تحصيل ما هو المقصود، وقد يثبت من الحكم تبعا ما لا يثبت مقصودا كالشرب ف البيع والبناء في الوقف، ومحمد معه فيه، لأنه لما جاز إفراد بعض المنقول بالوقف عنده فلأن يجوز الوقف فيه تبعا أولى. "وقال محمد: يجوز حبس الكراع والسلاح" ومعناه وقفه في سبيل الله، وأبو يوسف معه فيه على ما قالوا، وهو استحسان. والقياس أن لا يجوز لما بيناه من قبل. وجه الاستحسان الآثار المشهورة فيه: منها قوله عليه الصلاة والسلام: "وأما خالد فقد حبس أدرعا وأفراسا له في سبيل الله تعالى وطلحة حبس دروعه في سبيل الله تعالى" ويروى أكراعه. والكراع: الخيل. ويدخل في حكمه الإبل؛ لأن العرب يجاهدون عليها، وكذا السلاح يحمل عليها وعن محمد أنه يجوز وقف ما فيه تعامل من المنقولات كالفأس والمر والقدوم والمنشار والجنازة وثيابها والقدور والمراجل والمصاحف. وعند أبي يوسف لا يجوز؛ لأن القياس إنما يترك بالنص، والنص ورد في الكراع والسلاح فيقتصر عليه. ومحمد يقول: القياس قد يترك بالتعامل كما في الاستصناع، وقد وجد التعامل في هذه الأشياء. وعن نصير بن يحيى أنه وقف كتبه إلحاقا لها بالمصاحف، وهذا صحيح لأن كل واحد يمسك للدين تعليما وتعلما وقراءة، وأكثر فقهاء الأمصار على قول محمد، وما لا تعامل فيه لا يجوز عندنا وقفه. وقال الشافعي: كل ما يمكن الانتفاع به مع بقاء أصله ويجوز بيعه يجوز وقفه؛ لأنه يمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>