انتقض" وأصل هذا أن اشتراط الخيار لغيره جائز استحسانا، وفي القياس لا يجوز وهو قول زفر؛ لأن الخيار من مواجب العقد وأحكامه، فلا يجوز اشتراطه لغيره كاشتراط الثمن على غير المشتري.. ولنا أن الخيار لغير العاقد لا يثبت إلا بطريق النيابة عن العاقد فيقدر الخيار له اقتضاء ثم يجعل هو نائبا عنه تصحيحا لتصرفه، وعند ذلك يكون لكل واحد منهما الخيار، فأيهما أجاز جاز، وأيهما نقض انتقض "ولو أجاز أحدهما وفسخ الآخر يعتبر السابق" لوجوده في زمان لا يزاحمه فيه غيره، ولو خرج الكلامان منهما معا يعتبر تصرف العاقد في رواية وتصرف الفاسخ في أخرى. وجه الأول أن تصرف العاقد أقوى؛ لأن النائب يستفيد الولاية منه. وجه الثاني أن الفسخ أقوى؛ لأن المجاز يلحقه الفسخ والمفسوخ لا تلحقه الإجازة، ولما ملك كل واحد منهما التصرف رجحنا بحال التصرف. وقيل الأول قول محمد والثاني قول أبي يوسف، واستخراج ذلك مما إذا باع الوكيل من رجل والموكل من غيره معا؛ فمحمد يعتبر فيه تصرف الموكل، وأبو يوسف يعتبرهما.
قال: "ومن باع عبدين بألف درهم على أنه بالخيار في أحدهما ثلاثة أيام فالبيع فاسد، وإن باع كل واحد منهما بخمسمائة على أنه بالخيار في أحدهما بعينه جاز البيع" والمسألة على أربعة أوجه:
أحدها: أن لا يفصل الثمن ولا يعين الذي فيه الخيار وهو الوجه الأول في الكتاب وفساده لجهالة الثمن والمبيع؛ لأن الذي فيه الخيار كالخارج عن العقد، إذ العقد مع الخيار لا ينعقد في حق الحكم فبقي الداخل فيه أحدهما وهو غير معلوم.
والوجه الثاني: أن يفصل الثمن ويعين الذي فيه الخيار وهو المذكور ثانيا في الكتاب، وإنما جاز؛ لأن المبيع معلوم والثمن معلوم، وقبول العقد في الذي فيه الخيار وإن كان شرطا لانعقاد العقد في الآخر ولكن هذا غير مكسد للعقد لكونه محلا للبيع كما إذا جمع بين قن ومدبر.
والثالث: أن يفصل ولا يعين.
والرابع: أن يعين ولا يفصل، فالعقد فاسد في الوجهين: إما لجهالة المبيع أو لجهالة الثمن.
قال: "ومن اشترى ثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بعشرة وهو بالخيار ثلاثة أيام فهو جائز، وكذا الثلاثة، فإن كانت أربعة أثواب فالبيع فاسد" والقياس أن يفسد البيع في الكل لجهالة المبيع، وهو قول زفر والشافعي. وجه الاستحسان أن شرع الخيار