للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحاجة إلى دفع الغبن ليختار ما هو الأرفق والأوفق، والحاجة إلى هذا النوع من البيع متحققة؛ لأنه يحتاج إلى اختيار من يثق به أو اختيار من يشتريه لأجله، ولا يمكنه البائع من الحمل إليه إلا بالبيع فكان في معنى ما ورد به الشرع، غير أن هذه الحاجة تندفع بالثلاث لوجود الجيد والوسط والرديء فيها، والجهالة لا تفضي إلى المنازعة في الثلاثة لتعيين من له الخيار، وكذا في الأربع، إلا أن الحاجة إليها غير متحققة والرخصة ثبوتها بالحاجة وكون الجهالة غير مفضية إلى المنازعة فلا تثبت بأحدهما. ثم قيل: يشترط أن يكون في هذا العقد خيار الشرط مع خيار التعيين، وهو المذكور في الجامع الصغير. "وقيل لا يشترط وهو المذكور في الجامع الكبير"، فيكون ذكره على هذا الاعتبار وفاقا لا شرطا؛ وإذا لم يذكر خيار الشرط لا بد من توقيت خيار التعيين بالثلاث عنده وبمدة معلومة أيتها كانت عندهما. ثم ذكر في بعض النسخ: اشترى ثوبين وفي بعضها اشترى أحد الثوبين وهو الصحيح؛ لأن المبيع في الحقيقة أحدهما والآخر أمانة، والأول تجوز واستعارة. ولو هلك أحدهما أو تعيب لزمه البيع فيه بثمنه وتعين الآخر للأمانة لامتناع الرد بالتعيب، ولو هلكا جميعا معا يلزمه نصف ثمن كل واحد منهما لشيوع البيع والأمانة فيهما. ولو كان فيه خيار الشرط له أن يردهما جميعا. ولو مات من له الخيار فلوارثه أن يرد أحدهما؛ لأن الباقي خيار التعيين للاختلاط، ولهذا لا يتوقف في حق الوارث. وأما خيار الشرط لا يورث وقد ذكرناه من قبل.

قال: "ومن اشترى دارا على أنه بالخيار فبيعت دار أخرى بجنبها فأخذها بالشفعة فهو رضا"؛ لأن طلب الشفعة يدل على اختياره الملك فيها؛ لأنه ما ثبت إلا لدفع ضرر الجوار وذلك بالاستدامة فيتضمن ذلك سقوط الخيار سابقا عليه فيثبت الملك من وقت الشراء فيتبين أن الجوار كان ثابتا، وهذا التقرير يحتاج إليه لمذهب أبي حنيفة خاصة.

قال: "وإذا اشترى الرجلان عبدا على أنهما بالخيار فرضي أحدهما فليس للآخر أن يرده" عند أبي حنيفة، وقالا: له أن يرده، وعلى هذا الخلاف خيار العيب وخيار الرؤية، لهما أن إثبات الخيار لهما إثباته لكل واحد منهما فلا يسقط بإسقاط صاحبه لما فيه من إبطال حقه. وله أن المبيع خرج عن ملكه غير معيب بعيب الشركة، فلو رده أحدهما رده معيبا به وفيه إلزام ضرر زائد، وليس من ضرورة إثبات الخيار لهما الرضا برد أحدهما لتصور اجتماعهما على الرد.

قال: "ومن باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه فالمشتري بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء ترك"؛ لأن هذا وصف مرغوب فيه فيستحق في العقد بالشرط، ثم فواته يوجب التخيير؛ لأنه ما رضي به دونه، وهذا يرجع إلى اختلاف النوع لقلة التفاوت في

<<  <  ج: ص:  >  >>