المزابنة ورخص في العرايا", وهو أن يباع بخرصها تمرا فيما دون خمسة أوسق". قلنا: العرية: العطية لغة، وتأويله أن يبيع المعرى له ما على النخيل من المعري بتمر مجذوذ، وهو بيع مجازا لأنه لم يملكه فيكون برا مبتدأ.
قال:"ولا يجوز البيع بإلقاء الحجر والملامسة والمنابزة". وهذه بيوع كانت في الجاهلية، وهو أن يتراوض الرجلان على سلعة: أي يتساومان، فإذا لمسها المشتري أو نبذها إليه البائع أو وضع المشتري عليها حصاة لزم البيع؛ فالأول بيع الملامسة والثاني المنابذة، والثالث إلقاء الحجر، وقد "نهى عليه الصلاة والسلام عن بيع الملامسة والمنابذة" ولأن فيه تعليقا بالخطر.
قال:"ولا يجوز بيع ثوب من ثوبين" لجهالة المبيع؛ ولو قال: على أنه بالخيار في أن يأخذ أيهما شاء جاز البيع استحسانا، وقد ذكرناه بفروعه.
قال:"ولا يجوز بيع المراعي ولا إجارتها" المراد الكلأ، أما البيع فلأنه ورد على ما لا يملكه لاشتراك الناس فيه بالحديث، وأما الإجارة فلأنها عقدت على استهلاك عين مباح، ولو عقد على استهلاك عين مملوك بأن استأجر بقرة ليشرب لبنها لا يجوز فهذا أولى.
قال:"ولا يجوز بيع النحل" وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله وقال محمد رحمه الله: يجوز إذا كان محرزا، وهو قول الشافعي رحمه الله لأنه حيوان منتفع به حقيقة وشرعا فيجوز بيعه وإن كان لا يؤكل كالبغل والحمار. ولهما أنهما من الهوام فلا يجوز بيعه كالزنابير والانتفاع بما يخرج منه لا بعينه فلا يكون منتفعا به قبل الخروج، حتى لو باع كوارة فيها عسل بما فيها من النحل يجوز تبعا له، كذا ذكره الكرخي رحمه الله. "ولا يجوز بيع دود القز عند أبي حنيفة" لأنه من الهوام، وعند أبي يوسف رحمه الله يجوز إذا ظهر فيه القز تبعا له. وعند محمد رحمه الله يجوز كيفما كان لكونه منتفعا به "ولا يجوز بيع بيضة عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يجوز" لمكان الضرورة. وقيل أبو يوسف مع أبي حنيفة رحمه الله كما في دود القز والحمام إذا علم عددها وأمكن تسليمها جاز بيعها لأنه مال مقدور التسليم. "ولا يجوز بيع الآبق" لنهي النبي عليه الصلاة والسلام عنه ولأنه لا يقدر على تسليمه "إلا أن يبيعه من رجل زعم أنه عنده" لأن المنهي عنه بيع آبق مطلق وهو أن يكون آبقا في حق المتعاقدين وهذا غير آبق في حق المشتري؛ ولأنه إذا كان عند المشتري انتفى العجز عن التسليم وهو المانع، ثم لا يصير قابضا بمجرد العقد إذا كان في يده وكان أشهد عنده أخذه لأنه