قال:"وإذا كان السفل لرجل وعلوه لآخر فسقطا أو سقط العلو وحده فباع صاحب العلو علوه لم يجز" لأن حق التعلي ليس بمال لأن المال ما يمكن إحرازه والمال هو المحل للبيع، بخلاف الشرب حيث يجوز بيعه تبعا للأرض باتفاق الروايات ومفردا في رواية، وهو اختيار مشايخ بلخي رحمهم الله لأنه حظ من الماء ولهذا يضمن بالإتلاف وله قسط من الثمن على ما نذكره في كتاب الشرب.
قال:"وبيع الطريق وهبته جائز وبيع مسيل الماء وهبته باطل" والمسألة تحتمل وجهين: بيع رقبة الطريق والمسيل، وبيع حق المرور والتسييل. فإن كان الأول فوجه الفرق بين المسألتين أن الطريق معلوم لأن له طولا وعرضا معلوما، وأما المسيل فمجهول لأنه لا يدرى قدر ما يشغله من الماء وإن كان الثاني ففي بيع حق المرور روايتان ووجه الفرق على إحداهما بينه وبين حق التسييل أن حق المرور معلوم لتعلقه بمحل معلوم وهو الطريق، أما المسيل على السطح فهو نظير حق التعلي وعلى الأرض مجهول لجهالة محله. ووجه الفرق بين حق المرور وحق التعلي على إحدى الروايتين أن حق التعلي يتعلق بعين لا تبقى وهو البناء فأشبه المنافع، أما حق المرور يتعلق بعين تبقى وهو الأرض فأشبه الأعيان.
قال:"ومن باع جارية فإذا هو غلام" فلا بيع بينهما، بخلاف ما إذا باع كبشا فإذا هو نعجة حيث ينعقد البيع ويتخير. والفرق ينبني على الأصل الذي ذكرناه في النكاح لمحمد رحمه الله وهو أن الإشارة مع التسمية إذا اجتمعتا ففي مختلفي الجنس يتعلق العقد بالمسمى ويبطل لانعدامه، وفي متحدي الجنس يتعلق بالمشار إليه وينعقد لوجوده ويتخير لفوات الوصف كمن اشترى عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب، وفي مسألتنا الذكر والأنثى من بني آدم جنسان للتفاوت في الأغراض، وفي الحيوانات جنس واحد للتقارب فيها وهو المعتبر في هذا دون الأصل كالخل والدبس جنسان. والوذاري والزندنيجي على ما قالوا جنسان مع اتحاد أصلهما.
قال:"ومن اشترى جارية بألف درهم حالة أو نسيئة فقبضها ثم باعها من البائع بخمسمائة قبل أن ينقد الثمن الأول لا يجوز البيع الثاني" وقال الشافعي رحمه الله: يجوز لأن الملك قد تم فيها بالقبض فصار البيع من البائع ومن غيره سواء وصار كما لو باع بمثل الثمن الأول أو بالزيادة أو بالعرض. ولنا قول عائشة رضي الله عنها: لتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعدما اشترت بثمانمائة: بئسما شريت واشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب؛ ولأن الثمن لم يدخل في ضمانه فإذا وصل