للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أدب القاضي أن على قولهما لا يحبس في الحدود والقصاص بشهادة الواحد لحصول الاستيثاق بالكفالة.

قال: "والرهن والكفالة جائزان في الخراج" لأنه دين مطالب به ممكن الاستيفاء فيمكن ترتيب موجب العقد عليه فيهما.

قال: "ومن أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب فأخذ منه كفيلا آخر فهما كفيلان" لأن موجبه التزام المطالبة وهي متعددة والمقصود التوثق، وبالثانية يزداد التوثق فلا يتنافيان "وأما الكفالة بالمال فجائزة معلوما كان المكفول به أو مجهولا إذا كان دينا صحيحا مثل أن يقول تكفلت عنه بألف أو بما لك عليه أو بما يدركك في هذا البيع" لأن مبنى الكفالة على التوسع فيتحمل فيها الجهالة، وعلى الكفالة بالدرك إجماع وكفى به حجة، وصار كما إذا كفل لشجة صحت الكفالة وإن احتملت السراية والاقتصار، وشرط أن يكون دينا صحيحا ومراده أن لا يكون بدل الكتابة، وسيأتيك في موضعه إن شاء الله تعالى.

قال: "والمكفول له بالخيار إن شاء طالب الذي عليه الأصل وإن شاء طالب كفيله" لأن الكفالة ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة وذلك يقتضي قيام الأول لا البراءة عنه، إلا إذا شرط فيه البراءة فحينئذ تنعقد حوالة اعتبارا للمعنى، كما أن الحوالة بشرط أن لا يبرأ بها المحيل تكون كفالة "ولو طالب أحدهما له أن يطالب الآخر وله أن يطالبهما" لأن مقتضاه الضم، بخلاف المالك إذا اختار تضمين أحد الغاصبين لأن اختياره أحدهما يتضمن التمليك منه فلا يمكنه التمليك من الثاني، أما المطالبة بالكفالة لا تتضمن التمليك فوضح الفرق.

قال: "ويجوز تعليق الكفالة بالشروط" مثل أن يقول ما بايعت فلانا فعلي أو ما ذاب لك عليه فعلي أو ما غصبك فعلي. والأصل فيه قوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف:٧٢] والإجماع منعقد على صحة ضمان الدرك، ثم الأصل أنه يصح تعليقها بشرط ملائم لها مثل أن يكون شرطا لوجوب الحق كقوله إذا استحق المبيع، أو لإمكان الاستيفاء مثل قوله إذا قدم زيد وهو مكفول عنه، أو لتعذر الاستيفاء مثل قوله إذا غاب عن البلدة، وما ذكر من الشروط في معنى ما ذكرناه، فأما لا يصح التعليق بمجرد الشرط كقوله إن هبت الريح أو جاء المطر وكذا إذا جعل واحد منهما أجلا، إلا أنه تصح الكفالة ويجب المال حالا لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط لا تبطل بالشروط الفاسدة كالطلاق والعتاق. "فإن قال تكفلت بما لك عليه فقامت البينة بألف عليه ضمنه الكفيل" لأن الثابت بالبينة كالثابت معاينة فيتحقق ما عليه فيصح الضمان به "وإن لم تقم البينة فالقول قول

<<  <  ج: ص:  >  >>