للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحق له وعليه دينا كان أو عينا لأن المقضي له وعليه إنما هو الميت في الحقيقة وواحد من الورثة يصلح خليفة عنه في ذلك، بخلاف الاستيفاء لنفسه لأنه عامل فيه لنفسه فلا يصلح نائبا عن غيره، ولهذا لا يستوفي إلا نصيبه وصار كما إذا قامت البينة بدين الميت، إلا أنه إنما يثبت استحقاق، الكل على أحد الورثة إذا كان الكل في يده. ذكره في الجامع لأنه لا يكون خصما بدون اليد فيقتصر القضاء على ما في يده.

قال: "ومن قال مالي في المساكين صدقة فهو على ما فيه الزكاة، وإن أوصى بثلث ماله فهو على كل شيء" والقياس أن يلزمه التصدق بالكل، وبه قال زفر رحمه الله لعموم اسم المال كما في الوصية.

وجه الاستحسان أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى فينصرف إيجابه إلى ما أوجب الشارع فيه الصدقة من المال. أما الوصية فأخت الميراث لأنها خلافة كهي فلا يختص بمال دون مال، ولأن الظاهر التزام الصدقة من فاضل ماله وهو مال الزكاة، أما الوصية تقع في حال الاستغناء فينصرف إلى الكل وتدخل فيه الأرض العشرية عند أبي يوسف رحمه الله لأنها سبب الصدقة، إذ جهة الصدقة في العشرية راجحة عنده، وعند محمد رحمه الله لا تدخل لأنها سبب المؤنة، إذ جهة المؤنة راجحة عنده، ولا تدخل أرض الخراج بالإجماع لأنه يتمحض مؤنة. ولو قال ما أملكه صدقة في المساكين فقد قيل يتناول كل مال لأنه أعم من لفظ المال. والمقيد إيجاب الشرع وهو مختص بلفظ المال فلا مخصص في لفظ الملك فبقي على العموم، والصحيح أنهما سواء لأن الملتزم باللفظين الفاضل عن الحاجة على ما مر، "ثم إذا لم يكن له مال سوى ما دخل تحت الإيجاب يمسك من ذلك قوته، ثم إذا أصاب شيئا تصدق بمثل ما أمسك" لأن حاجته هذه مقدمة ولم يقدر محمد بشيء لاختلاف أحوال الناس فيه. وقيل المحترف يمسك قوته ليوم وصاحب الغلة لشهر وصاحب الضياع لسنة على حسب التفاوت في مدة وصولهم إلى المال، وعلى هذا صاحب التجارة يمسك بقدر ما يرجع إليه ماله.

قال: "ومن أوصى إليه ولم يعلم الوصية حتى باع شيئا من التركة فهو وصي والبيع جائز، ولا يجوز بيع الوكيل حتى يعلم". وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يجوز في الفصل الأول أيضا لأن الوصاية إنابة بعد الموت فتعتبر بالإنابة قبله وهي الوكالة. ووجه الفرق على الظاهر أن الوصاية خلافة لإضافتها إلى زمان بطلان الإنابة فلا يتوقف على العلم كما في تصرف الوارث. أما الوكالة فإنابة لقيام ولاية المنوب عنه فيتوقف على العلم، وهذا لأنه لو توقف لا يفوت النظر لقدرة الموكل، وفي الأول يفوت لعجز الموصي "ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>