للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحلف "المجوسي بالله الذي خلق النار" وهكذا ذكر محمد رحمه الله في الأصل. يروى عن أبي حنيفة رحمه الله في النوادر أنه لا يستحلف أحدا إلا بالله خالصا. وذكر الخصاف رحمه الله أنه لا يستحلف غير اليهودي والنصراني إلا بالله، وهو اختيار بعض مشايخنا لأن في ذكر النار مع اسم الله تعالى تعظيما وما ينبغي أن تعظم، بخلاف الكتابين لأن كتب الله معظمة "والوثني لا يحلف إلا بالله" لأن الكفرة بأسرهم يعتقدون الله تعالى، قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:٢٥] .

قال: "ولا يحلفون في بيوت عبادتهم" لأن القاضي لا يحضرها بل هو ممنوع عن ذلك.

قال: "ولا يجب تغليظ اليمين على المسلم بزمان ولا مكان" لأن المقصود تعظيم المقسم به وهو حاصل بدون ذلك، وفي إيجاب ذلك حرج على القاضي حيث يكلف حضورها وهو مدفوع.

قال: "ومن ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحد استحلف بالله ما بينكما بيع قائم فيه ولا يستحلف بالله ما بعت" لأنه قد يباع العين ثم يقال فيه "ويستحلف في الغصب بالله ما يستحق عليك رده ولا يحلف بالله ما غصبت" لأنه قد يغصب ثم يفسخ بالهبة والبيع "وفي النكاح بالله ما بينكما نكاح قائم في الحال" لأنه قد يطرأ عليه الخلع "وفي دعوى الطلاق بالله ما هي بائن منك الساعة بما ذكرت ولا يستحلف بالله ما طلقها" لأن النكاح قد يجدد بعد الإبانة فيحلف على الحاصل في هذه الوجوه، لأنه لو حلف على السبب يتضرر المدعى عليه، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله.

أما على قول أبي يوسف رحمه الله يحلف في جميع ذلك على السبب إلا إذا عرض بما ذكرنا فحينئذ يحلف على الحاصل. وقيل: ينظر إلى إنكار المدعى عليه إن أنكر السبب يحلف عليه، وإن أنكر الحكم يحلف على الحاصل. فالحاصل هو الأصل عندهما إذا كان سببا يرتفع إلا إذا كان فيه ترك النظر في جانب المدعي فحينئذ يحلف على السبب بالإجماع، وذلك أن تدعي مبتوتة نفقة العدة والزوج ممن لا يراها، أو ادعى شفعة بالجوار والمشتري لا يراها، لأنه لو حلف على الحاصل يصدق في يمينه في معتقده فيفوت النظر في حق المدعي، وإن كان سببا لا يرتفع برافع فالتحليف على السبب بالإجماع "كالعبد المسلم إذا ادعى العتق على مولاه، بخلاف الأمة والعبد الكافر" لأنه يكرر الرق عليها بالردة واللحاق وعليه بنقض العهد واللحاق، ولا يكرر على العبد المسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>