نماء ملكه، وهذا هو الحكم في كل موضع لم تصح المضاربة ولا تجاوز بالأجر القدر المشروط عند أبي يوسف خلافا لمحمد كما بينا في الشركة، ويجب الأجر وإن لم يربح في رواية الأصل لأن أجر الأجير يجب بتسليم المنافع أو العمل وقد وجد. وعن أبي يوسف أنه لا يجب اعتبارا بالمضاربة الصحيحة مع أنها فوقها، والمال في المضاربة الفاسدة غير مضمون بالهلاك اعتبارا بالصحيحة، ولأنه عين مستأجرة في يده، وكل شرط يوجب جهالة في الربح يفسده لاختلال مقصوده، وغير ذلك من الشروط الفاسدة لا يفسدها، ويبطل الشرط كاشتراط الوضيعة على المضارب.
قال:"ولا بد أن يكون المال مسلما إلى المضارب ولا يد لرب المال فيه" لأن المال أمانة في يده فلا بد من التسليم إليه، وهذا بخلاف الشركة لأن المال في المضاربة من أحد الجانبين والعمل من الجانب الآخر، فلا بد من أن يخلص المال للعامل ليتمكن من التصرف فيه.
أما العمل في الشركة من الجانبين فلو شرط خلوص اليد لأحدهما لم تنعقد الشركة، وشرط العمل على رب المال مفسد للعقد لأنه يمنع خلوص يد المضارب فلا يتمكن من التصرف فلا يتحقق المقصود سواء كان المالك عاقدا أو غير عاقد كالصغير لأن يد المالك ثابتة له، وبقاء يده يمنع التسليم إلى المضارب، وكذا أحد المتفاوضين وأحد شريكي العنان إذا دفع المال مضاربة وشرط عمل صاحبه لقيام الملك له وإن لم يكن عاقدا، واشتراط العمل على العاقد مع المضارب وهو غير مالك يفسده إن لم يكن من أهل المضاربة فيه كالمأذون، بخلاف الأب والوصي لأنهما من أهل أن يأخذا مال الصغير مضاربة بأنفسهما فكذا اشتراطه عليهما بجزء من المال.
قال:"وإذا صحت المضاربة مطلقة جاز للمضارب أن يبيع ويشتري ويوكل ويسافر ويبضع ويودع" لإطلاق العقد والمقصود منه الاسترباح ولا يتحصل إلا بالتجارة، فينتظم العقد صنوف التجارة وما هو من صنيع التجار، والتوكيل من صنيعهم، وكذا الإبضاع والإيداع والمسافرة؛ ألا ترى أن المودع له أن يسافر فالمضارب أولى، كيف وأن اللفظ دليل عليه لأنها مشتقة من الضرب في الأرض وهو السير. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه ليس له أن يسافر. وعنه وعن أبي حنيفة رحمهما الله أنه إن دفع في بلده ليس له أن يسافر لأنه تعريض على الهلاك من غير ضرورة وإن دفع في غير بلده له أن يسافر إلى بلده لأنه هو المراد في الغالب، والظاهر ما ذكر في الكتاب.