للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني فلأن حرف اللام للتمليك. وأما الثالث فلقوله عليه الصلاة والسلام "فمن أعمر عمرى فهي للمعمر له ولورثته من بعده" وكذا إذا قال جعلت هذه الدار لك عمرى لما قلنا. وأما الرابع فلأن الحمل هو الإركاب حقيقة فيكون عارية لكنه يحتمل الهبة، يقال حمل الأمير فلانا على فرس ويراد به التمليك فيحمل عليه عند نيته.

"ولو قال كسوتك هذا الثوب يكون هبة"؛ لأنه يراد به التمليك، قال الله تعالى: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة:٨٩] ويقال كسا الأمير فلانا ثوبا: أي ملكه منه "ولو قال منحتك هذه الجارية كانت عارية" لما روينا من قبل."ولو قال داري لك هبة سكنى أو سكنى هبة فهي عارية"؛ لأن العارية محكم في تمليك المنفعة والهبة تحتملها وتحتمل تمليك العين فيحمل المحتمل على المحكم، وكذا إذا قال عمرى سكنى أو نحلي سكنى أو سكنى صدقة أو صدقة عارية أو عارية هبة لما قدمناه. "ولو قال هبة تسكنها فهي هبة"؛ لأن قوله تسكنها مشورة وليس بتفسير له وهو تنبيه على المقصود، بخلاف قوله هبة سكنى؛ لأنه تفسير له.

قال: "ولا تجوز الهبة فيما يقسم إلا محوزة مقسومة، وهبة المشاع فيما لا يقسم جائزة" وقال الشافعي: تجوز في الوجهين؛ لأنه عقد تمليك فيصح في المشاع وغيره كالبيع بأنواعه، وهذا؛ لأن المشاع قابل لحكمه، وهو الملك فيكون محلا له، وكونه تبرعا لا يبطله الشيوع كالقرض والوصية. ولنا أن القبض منصوص عليه في الهبة فيشترط كماله والمشاع لا يقبله إلا بضم غيره إليه، وذلك غير موهوب، ولأن في تجويزه إلزامه شيئا لم يلتزمه وهو مؤنة القسمة، ولهذا امتنع جوازه قبل القبض لئلا يلزمه التسليم، بخلاف ما لا يقسم؛ لأن القبض القاصر هو الممكن فيكتفى به؛ ولأنه لا تلزمه مؤنة القسمة. والمهايأة تلزمه فيما لم يتبرع به وهو المنفعة، والهبة لاقت العين، والوصية ليس من شرطها القبض، وكذا البيع الصحيح، وأما البيع الفاسد والصرف والسلم فالقبض فيها غير منصوص عليه، ولأنها عقود ضمان فتناسب لزوم مؤنة القسمة، والقرض تبرع من وجه وعقد ضمان من وجه، فشرطنا القبض القاصر فيه دون القسمة عملا بالشبهين، على أن القبض غير منصوص عليه فيه. "ولو وهب من شريكه لا يجوز"؛ لأن الحكم يدار على نفس الشيوع.

قال: "ومن وهب شقصا مشاعا فالهبة فاسدة" لما ذكرنا "فإن قسمه وسلمه جاز"؛ لأن تمامه بالقبض وعنده لا شيوع.

قال: "ولو وهب دقيقا في حنطة أو دهنا في سمسم فالهبة فاسدة، فإن طحن وسلم لم يجز" وكذا السمن في اللبن؛ لأن الموهوب معدوم، ولهذا لو استخرجه الغاصب يملكه

<<  <  ج: ص:  >  >>