للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعدوم ليس بمحل للملك فوقع العقد باطلا، فلا ينعقد إلا بالتجديد، بخلاف ما تقدم؛ لأن المشاع محل للتمليك، وهبة اللبن في الضرع والصوف على ظهر الغنم والزرع والنخل في الأرض والتمر في النخيل بمنزلة المشاع؛ لأن امتناع الجواز للاتصال وذلك يمنع القبض كالشائع.

قال: "وإذا كانت العين في يد الموهوب له ملكها بالهبة وإن لم يجدد فيها قبضا"؛ لأن العين في قبضه والقبض هو الشرط، بخلاف ما إذا باعه منه؛ لأن القبض في البيع مضمون فلا ينوب عنه قبض الأمانة، أما قبض الهبة فغير مضمون فينوب عنه.

قال: "وإذا وهب الأب لابنه الصغير هبة ملكها الابن بالعقد"؛ لأنه في قبض الأب فينوب عن قبض الهبة، ولا فرق بين ما إذا كان في يده أو في يد مودعه؛ لأن يده كيده، بخلاف ما إذا كان مرهونا أو مغصوبا أو مبيعا بيعا فاسدا؛ لأنه في يد غيره أو في ملك غيره، والصدقة في هذا مثل الهبة، وكذا إذا وهبت له أمه وهو في عيالها والأب ميت ولا وصي له، وكذلك كل من يعوله. "وإن وهب له أجنبي هبة تمت بقبض الأب"؛ لأنه يملك عليه الدائر بين النافع والضائر فأولى أن يملك المنافع. "وإن وهب لليتيم هبة فقبضها له وليه وهو وصي الأب أو جد اليتيم أو وصيه جاز"؛ لأن لهؤلاء ولاية عليه لقيامهم مقام الأب "وإن كان في حجر أمه فقبضها له جائز"؛ لأن لها الولاية فيما يرجع إلى حفظه وحفظ ماله. وهذا من بابه؛ لأنه لا يبقى إلا بالمال فلا بد من ولاية التحصيل "وكذا إذا كان في حجر أجنبي يربيه"؛ لأن له عليه يدا معتبرة. ألا ترى أنه لا يتمكن أجنبي آخر أن ينزعه من يده فيملك ما يتمحض نفعا في حقه "وإن قبض الصبي الهبة بنفسه جاز" معناه إذا كان عاقلا؛ لأنه نافع في حقه وهو من أهله. وفيما وهب للصغيرة يجوز قبض زوجها لها بعد الزفاف لتفويض الأب أمورها إليه دلالة، بخلاف ما قبل الزفاف ويملكه مع حضرة الأب، بخلاف الأم وكل من يعولها غيرها حيث لا يملكونه إلا بعد موت الأب أو غيبته غيبة منقطعة في الصحيح؛ لأن تصرف هؤلاء للضرورة لا بتفويض الأب، ومع حضوره لا ضرورة.

قال: "وإذا وهب اثنان من واحد دارا جاز"؛ لأنهما سلماها جملة وهو قد قبضها جملة فلا شيوع "وإن وهبها واحد من اثنين لا يجوز عند أبي حنيفة، وقالا يصح"؛ لأن هذه هبة الجملة منهما، إذ التمليك واحد فلا يتحقق الشيوع كما إذا رهن من رجلين. وله أن هذه هبة النصف من كل واحد منهما، ولهذا لو كانت فيما لا يقسم فقبل أحدهما صح، ولأن الملك يثبت لكل واحد منهما في النصف فيكون التمليك كذلك؛ لأنه حكمه، وعلى هذا الاعتبار يتحقق الشيوع، بخلاف الرهن؛ لأن حكمه الحبس، ويثبت لكل واحد منهما كاملا

<<  <  ج: ص:  >  >>