مثل وزنه حديدا"؛ لأنه ربما يكون أضر بالدابة فإن الحديد يجتمع في موضع من ظهرها والقطن ينبسط على ظهرها.
قال: "وإن استأجرها ليركبها فأردف معه رجلا فعطبت ضمن نصف قيمتها ولا معتبر بالثقل"؛ لأن الدابة قد يعقرها جهل الراكب الخفيف ويخف عليها ركوب الثقيل لعلمه بالفروسية، ولأن الآدمي غير موزون فلا يمكن معرفة الوزن فاعتبر عدد الراكب كعدد الجناة في الجنايات.
قال: "وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارا من الحنطة فحمل عليها أكثر منه فعطبت ضمن ما زاد الثقل"؛ لأنها عطبت بما هو مأذون فيه وما هو غير مأذون فيه والسبب الثقل فانقسم عليهما "إلا إذا كان حملا لا يطيقه مثل تلك الدابة فحينئذ يضمن كل قيمتها" لعدم الإذن فيها أصلا لخروجه عن العادة.
قال: "وإن كبح الدابة بلجامها أو ضربها فعطبت ضمن عند أبي حنيفة. وقالا: لا يضمن إذا فعل فعلا متعارفا"؛ لأن المتعارف مما يدخل تحت مطلق العقد فكان حاصلا بإذنه فلا يضمنه. ولأبي حنيفة رحمه الله أن الإذن مقيد بشرط السلامة إذ يتحقق السوق بدونه، وإنما هما للمبالغة فيتقيد بوصف السلامة كالمرور في الطريق.
قال: "وإن استأجرها إلى الحيرة فجاوز بها إلى القادسية ثم ردها إلى الحيرة ثم نفقت فهو ضامن، وكذلك العارية" وقيل تأويل هذه المسألة إذا استأجرها ذاهبا لا جائيا؛ لينتهي العقد بالوصول إلى الحيرة فلا يصير بالعود مردودا إلى يد المالك معنى. وأما إذا استأجرها ذاهبا وجائيا فيكون بمنزلة المودع إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق. وقيل لا، بل الجواب مجرى على الإطلاق. والفرق أن المودع بأمور بالحفظ مقصودا فبقي الأمر بالحفظ بعد العود إلى الوفاق فحصل الرد إلى يد نائب المالك، وفي الإجارة والعارية يصير الحفظ مأمورا به تبعا للاستعمال لا مقصودا، فإذا انقطع الاستعمال لم يبق هو نائبا فلا يبرأ بالعود وهذا أصح.
قال: "ومن اكترى حمارا بسرج فنزع السرج وأسرجه بسرج يسرج بمثله الحمر فلا ضمان عليه"؛ لأنه إذا كان يماثل الأول تناوله إذن المالك، إذ لا فائدة في التقييد بغيره إلا إذا كان زائدا عليه في الوزن فحينئذ يضمن الزيادة "وإن كان لا يسرج بمثله الحمر ضمن"؛ لأنه لم يتناوله الإذن من جهته فصار مخالفا "وإن أوكفه بإكاف لا يوكف بمثله الحمر يضمن" لما قلنا في السرج، وهذا أولى "وإن أوكفه بإكاف يوكف بمثله الحمر يضمن عند أبي حنيفة، وقالا: يضمن بحسابه"؛ لأنه إذا كان يوكف بمثله الحمر كان هو والسرج