سواء فيكون المالك راضيا به، إلا إذا كان زائدا على السرج في الوزن فيضمن الزيادة؛ لأنه لم يرض بالزيادة فصار كالزيادة في الحمل المسمى إذا كان من جنسه. ولأبي حنيفة رحمه الله أن الإكاف ليس من جنس السرج؛ لأنه للحمل، والسرج للركوب، وكذا ينبسط أحدهما على ظهر الدابة ما لا ينبسط عليه الآخر فكان مخالفا كما إذا حمل الحديد وقد شرط له الحنطة.
قال:"وإن استأجر حمالا ليحمل له طعاما في طريق كذا فأخذ في طريق غيره يسلكه الناس فهلك المتاع فلا ضمان عليه، وإن بلغ فله الأجر" وهذا إذا لم يكن بين الطريقين تفاوت؛ لأن عند ذلك التقييد غير مفيد، أما إذا كان تفاوت يضمن لصحة التقييد فإن التقييد مفيد إلا أن الظاهر عدم التفاوت إذا كان طريقا يسلكه الناس فلم يفصل "وإن كان طريقا لا يسلكه الناس فهلك ضمن"؛ لأنه صح التقييد فصار مخالفا "وإن بلغ فله الأجر"؛ لأنه ارتفع الخلاف معنى، وإن بقي صورة.
قال:"وإن حمله في البحر فيما يحمله الناس في البر ضمن" لفحش التفاوت بين البر والبحر "وإن بلغ فله الأجر" لحصول المقصود وارتفاع الخلاف معنى.
قال:"ومن استأجر أرضا؛ ليزرعها حنطة فزرعها رطبة ضمن ما نقصها" لأن الرطاب أضر بالأرض من الحنطة لانتشار عروقها فيها وكثرة الحاجة إلى سقيها فكان خلافا إلى شر فيضمن ما نقصها "ولا أجر له"؛ لأنه غاصب للأرض على ما قررناه. قال:"ومن دفع إلى خياط ثوبا ليخيطه قميصا بدرهم فخاطه قباء، فإن شاء ضمنه قيمة الثوب، وإن شاء أخذ القباء وأعطاه أجر مثله لا يجاوز به درهما" قيل: معناه القرطف الذي هو ذو طاق واحد؛ لأنه يستعمل استعمال القميص، وقيل هو مجرى على إطلاقه؛ لأنهما يتقاربان في المنفعة. وعن أبي حنيفة أنه يضمنه من غير خيار؛ لأن القباء خلاف جنس القميص. ووجه الظاهر أنه قميص من وجه؛ لأنه يشد وسطه، فمن هذا الوجه يكون مخالفا؛ لأن القميص لا يشد وينتفع به انتفاع القميص فجاءت الموافقة والمخالفة فيميل إلى أي الجهتين شاء، إلا أنه يجب أجر المثل لقصور جهة الموافقة، ولا يجاوز به الدرهم المسمى كما هو الحكم في سائر الإجارات الفاسدة على ما نبينه في بابه إن شاء الله تعالى. ولو خاطه سراويل وقد أمر بالقباء قيل يضمن من غير خيار للتفاوت في المنفعة، والأصح أنه يخير للاتحاد في أصل المنفعة، وصار كما إذا أمر بضرب طست من شبة فضرب منه كوزا، فإنه يخير كذا هذا، والله أعلم.