قال:"وإن أكرهه على الزنا وجب عليه الحد عند أبي حنيفة، إلا أن يكرهه السلطان، وقال أبو يوسف ومحمد لا يلزمه الحد" وقد ذكرناه في الحدود.
قال:"وإذا أكرهه على الردة لم تبن امرأته منه" لأن الردة تتعلق بالاعتقاد، ألا ترى أنه لو كان قلبه مطمئنا بالإيمان لا يكفر وفي اعتقاده الكفر شك فلا تثبت البينونة بالشك، فإن قالت المرأة قد بنت منك وقال هو قد أظهرت ذلك وقلبي مطمئن بالإيمان فالقول قوله استحسانا، لأن اللفظ غير موضوع للفرقة وهي بتبدل الاعتقاد ومع الإكراه لا يدل على التبدل فكان القول قوله، بخلاف الإكراه على الإسلام حيث يصير به مسلما، لأنه لما احتمل واحتمل رجحنا الإسلام في الحالين لأنه يعلو ولا يعلى، وهذا بيان الحكم، أما فيما بينه وبين الله تعالى إذا لم يعتقده فليس بمسلم، ولو أكره على الإسلام حتى حكم بإسلامه ثم رجع لم يقتل لتمكن الشبهة وهي دارئة للقتل. ولو قال الذي أكره على إجراء كلمة الكفر أخبرت عن أمر ماض ولم أكن فعلت بانت منه حكما لا ديانة. لأنه أقر أنه طائع بإتيان ما لم يكره عليه، وحكم هذا الطائع ما ذكرناه. ولو قال أردت ما طلب مني وقد خطر ببالي الخبر عما مضى بانت ديانة وقضاء، لأنه أقر أنه مبتدئ بالكفر هازل به حيث علم لنفسه مخلصا غيره. وعلى هذا إذا أكره على الصلاة للصليب وسب محمد النبي عليه الصلاة والسلام ففعل وقال نويت به الصلاة لله تعالى ومحمدا آخر غير النبي عليه الصلاة والسلام بانت منه قضاء لا ديانة، ولو صلى للصليب وسب محمدا النبي عليه الصلاة والسلام وقد خطر بباله الصلاة لله تعالى وسب غير النبي عليه الصلاة والسلام بانت منه ديانة وقضاء لما مر، وقد قررناه زيادة على هذا في كفاية المنتهى، والله أعلم.