أبو يوسف: لا يجب عليهما. وقال الشافعي: يجب عليهما. لزفر أن الفعل من المكره حقيقة وحسا، وقرر الشرع حكمه عليه وهو الإثم، بخلاف الإكراه على إتلاف مال الغير لأنه سقط حكمه وهو الإثم فأضيف إلى غيره، وبهذا يتمسك الشافعي في جانب المكره، ويوجبه على المكره أيضا لوجود التسبيب إلى القتل منه، وللتسبيب في هذا حكم المباشرة عنده كما في شهود القصاص، ولأبي يوسف أن القتل بقي مقصورا على المكره من وجه نظرا إلى التأثيم، وأضيف إلى المكره من وجه نظرا إلى الحمل فدخلت الشبهة في كل جانب. ولهما أنه محمول على القتل بطبعه إيثارا لحياته فيصير آلة للمكره فيما يصلح آلة له وهو القتل بأن يلقيه عليه ولا يصلح آلة له في الجناية على دينه فيبقى الفعل مقصورا عليه في حق الإثم كما نقول في الإكراه على الإعتاق، وفي إكراه المجوسي على ذبح شاة الغير ينتقل الفعل إلى المكره في الإتلاف دون الذكاة حتى يحرم كذا هذا.
قال:"وإن أكرهه على طلاق امرأته أو عتق عبده ففعل وقع ما أكره عليه عندنا" خلافا للشافعي وقد مر في الطلاق.
قال:"ويرجع على الذي أكرهه بقيمة العبد" لأنه صلح آلة له فيه من حيث الإتلاف فيضاف إليه، فله أن يضمنه موسرا كان أو معسرا، ولا سعاية على العبد لأن السعاية إنما تجب للتخريج إلى الحرية أو لتعلق حق الغير ولم يوجد واحد منهما، ولا يرجع المكره على العبد بالضمان لأنه مؤاخذ بإتلافه.
قال:"ويرجع بنصف مهر المرأة إن كان قبل الدخول، وإن لم يكن في العقد مسمى يرجع على المكره بما لزمه من المتعة" لأن ما عليه كان على شرف السقوط بأن جاءت الفرقة من قبلها، وإنما يتأكد بالطلاق فكان إتلافا للمال من هذا الوجه فيضاف إلى المكره من حيث إنه إتلاف. بخلاف ما إذا دخل بها لأن المهر قد تقرر بالدخول لا بالطلاق. "ولو أكره على التوكيل بالطلاق والعتاق ففعل الوكيل جاز استحسانا" لأن الإكراه مؤثر في فساد العقد، والوكالة لا تبطل بالشروط الفاسدة، ويرجع على المكره استحسانا لأن مقصود المكره زوال ملكه إذا باشر الوكيل، والنذر لا يعمل فيه الإكراه لأنه لا يحتمل الفسخ، ولا رجوع على المكره بما لزمه لأنه لا مطالب له في الدنيا فلا يطالب به فيها، وكذا اليمين، والظهار لا يعمل فيهما الإكراه لعدم احتمالهما الفسخ، وكذا الرجعة والإيلاء والفيء فيه باللسان لأنها تصح مع الهزل، والخلع من جانبه طلاق أو يمين لا يعمل فيه الإكراه، فلو كان هو مكرها على الخلع دونها لزمها البدل لرضاها بالالتزام.