يلقب نصيبا بالأول، والذي يليه بالثاني والثالث على هذا ثم يخرج القرعة، فمن خرج اسمه أولا فله السهم الأول، ومن خرج ثانيا فله السهم الثاني".
والأصل أن ينظر في ذلك إلى أقل الأنصباء، حتى إذا كان الأقل ثلثا جعلها أثلاثا، وإن كان سدسا جعلها أسداسا لتمكن القسمة، وقد شرحناه مشبعا في كفاية المنتهى بتوفيق الله تعالى وقوله في الكتاب: ويفرز كل نصيب بطريقه وشربه بيان الأفضل، فإن لم يفعل أو لم يمكن جاز على ما نذكره بتفصيله إن شاء الله تعالى. والقرعة لتطييب القلوب وإزاحة تهمة الميل، حتى لو عين لكل منهم نصيبا من غير إقراع جاز لأنه في معنى القضاء فيملك الإلزام.
قال: "ولا يدخل في القسمة الدراهم والدنانير إلا بتراضيهم" لأنه لا شركة في الدراهم والقسمة من حقوق الاشتراك، ولأنه يفوت به التعديل في القسمة لأن أحدهما يصل إلى عين العقار ودراهم الآخر في ذمته ولعلها لا تسلم له "وإذا كان أرض وبناء؛ فعن أبي يوسف أنه يقسم كل ذلك على اعتبار القيمة" لأنه لا يمكن اعتبار المعادلة إلا بالتقويم.
وعن أبي حنيفة أنه يقسم الأرض بالمساحة لأنه هو الأصل في الممسوحات، ثم يرد من وقع البناء في نصيبه أو من كان نصيبه أجود دراهم على الآخر حتى يساويه فتدخل الدراهم في القسمة ضرورة كالأخ لا ولاية له في المال، ثم يملك تسمية الصداق ضرورة التزويج وعن محمد أنه يرد على شريكه بمقابلة البناء ما يساويه من العرصة، وإذا بقي فضل ولم يمكن تحقيق التسوية بأن كان لا تفي العرصة بقيمة البناء فحينئذ يرد للفضل دراهم، لأن الضرورة في هذا القدر فلا يترك الأصل إلا بها. وهذا يوافق رواية الأصل.
قال: "فإن قسم بينهم ولأحدهم مسيل في نصيب الآخر أو طريق لم يشترط في القسمة، فإن أمكن صرف الطريق والمسيل عنه ليس له أن يستطرق في نصيب الآخر" لأنه أمكن تحقيق معنى القسمة من غير ضرر "وإن لم يمكن فسخت القسمة" لأن القسمة مختلة لبقاء الاختلاط فتستأنف بخلاف البيع حيث لا يفسد في هذه الصورة، لأن المقصود منه تملك العين، وأنه يجامع تعذر الانتفاع في الحال، أما القسمة لتكميل المنفعة ولا يتم ذلك إلا بالطريق، ولو ذكر الحقوق في الوجه الأول كذلك الجواب، لأن معنى القسمة الإفراز والتمييز، وتمام ذلك بأن لا يبقى لكل واحد تعلق بنصيب الآخر وقد أمكن تحقيقه بصرف الطريق والمسيل إلى غيره من غير ضرر فيصار إليه، بخلاف البيع إذا ذكر فيه الحقوق حيث يدخل فيه ما كان له من الطريق والمسيل، لأنه أمكن تحقيق معنى البيع وهو التمليك مع بقاء هذا التعلق بملك غيره وفي الوجه الثاني يدخل فيها لأن القسمة لتكميل المنفعة،