وذلك بالطريق والمسيل فيدخل عند التنصيص باعتباره، وفيها معنى الإفراز وذلك بانقطاع التعلق على ما ذكرنا، فباعتباره لا يدخل من غير تنصيص، بخلاف الإجارة حيث يدخل فيها بدون التنصيص، لأن كل المقصود الانتفاع وذلك لا يحصل إلا بإدخال الشرب والطريق فيدخل من غير ذكر.
"ولو اختلفوا في رفع الطريق بينهم في القسمة، إن كان يستقيم لكل واحد طريق يفتحه في نصيبه قسم الحاكم من غير طريق يرفع لجماعتهم" لتحقق الإفراز بالكلية دونه. "وإن كان لا يستقيم ذلك رفع طريقا بين جماعتهم" ليتحقق تكميل المنفعة فيما وراء الطريق "ولو اختلفوا في مقداره جعل على عرض باب الدار وطوله" لأن الحاجة تندفع به "والطريق على سهامهم كما كان قبل القسمة" لأن القسمة فيما وراء الطريق لا فيه "ولو شرطوا أن يكون الطريق بينهما أثلاثا جاز وإن كان أصل الدار نصفين" لأن القسمة على التفاضل جائزة بالتراضي.
قال:"وإذا كان سفل لا علو عليه وعلو لا سفل له وسفل له علو قوم كل واحد على حدته وقسم بالقيمة ولا معتبر بغير ذلك" قال رضي الله عنه: هذا عند محمد رحمه الله.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله: يقسم بالذرع؛ لمحمد أن السفل يصلح لما لا يصلح له العلو من اتخاذه بئر ماء أو سردابا أو إصطبلا أو غير ذلك فلا يتحقق التعديل إلا بالقيمة، وهما يقولان إن القسمة بالذرع هي الأصل، لأن الشركة في المذروع لا في القيمة فيصار إليه ما أمكن، والمراعى التسوية في السكنى لا في المرافق ثم اختلفا فيما بينهما في كيفية القسمة بالذرع فقال أبو حنيفة رحمه الله: ذراع من سفل بذراعين من علو وقال أبو يوسف رحمه الله: ذراع بذراع.
قيل: أجاب كل واحد منهم على عادة أهل عصره أو أهل بلده في تفضيل السفل على العلو واستوائهما وتفضيل السفل مرة والعلو أخرى. وقيل هو اختلاف معنى ووجه قول أبي حنيفة رحمه الله أن منفعة السفل تربو على منفعة العلو بضعفه لأنها تبقى بعد فوات العلو، ومنفعة العلو لا تبقى بعد فناء السفل، وكذا السفل فيه منفعة البناء والسكنى، وفي العلو السكنى لا غير إذ لا يمكنه البناء على علوه إلا برضا صاحب السفل، فيعتبر ذراعان منه بذراع من السفل ولأبي يوسف أن المقصود أصل السكنى وهما يتساويان فيه، والمنفعتان متماثلتان لأن لكل واحد منهما أن يفعل ما لا يضر بالآخر على أصله ولمحمد أن المنفعة تختلف باختلاف الحر والبرد بالإضافة إليهما فلا يمكن التعديل إلا بالقيمة، والفتوى اليوم