للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه: هكذا ذكر القدوري الاختلاف في مختصره. والمشهور في كتب مشايخنا رحمهم الله أن هذا قول أبي يوسف وحده.

وقال في الجامع الصغير: إن قطع نصف الحلقوم ونصف الأوداج لم يؤكل. وإن قطع أكثر الأوداج والحلقوم قبل أن يموت أكل. ولم يحك خلافا فاختلفت الرواية فيه.

والحاصل: أن عند أبي حنيفة إذا قطع الثلاث: أي ثلاث كان يحل، وبه كان يقول أبو يوسف أولا ثم رجع إلى ما ذكرنا. وعن محمد أنه يعتبر أكثر كل فرد وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله، لأن كل فرد منها أصل بنفسه لانفصاله عن غيره ولورود الأمر بفريه فيعتبر أكثر كل فرد منها. ولأبي يوسف أن المقصود من قطع الودجين إنهار الدم فينوب أحدهما عن الآخر، إذ كل واحد منهما مجرى الدم.

أما الحلقوم فيخالف المريء فإنه مجرى العلف والماء، والمريء مجرى النفس فلا بد من قطعهما. ولأبي حنيفة أن الأكثر يقوم مقام الكل في كثير من الأحكام، وأي ثلاث قطعها فقد قطع الأكثر منها وما هو المقصود يحصل بها هو إنهار الدم المسفوح والتوحية في إخراج الروح، لأنه لا يحيا بعد قطع مجرى النفس أو الطعام، ويخرج الدم بقطع أحد الودجين فيكتفى به تحرزا عن زيادة التعذيب، بخلاف ما إذا قطع النصف لأن الأكثر باق فكأنه لم يقطع شيئا احتياطا لجانب الحرمة.

قال: "ويجوز الذبح بالظفر والسن والقرن إذا كان منزوعا حتى لا يكون بأكله بأس، إلا أنه يكره هذا الذبح" وقال الشافعي: المذبوح ميتة لقوله عليه الصلاة والسلام: "كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج ما خلا الظفر والسن فإنهما مدى الحبشة" ولأنه فعل غير مشروع فلا يكون ذكاة كما إذا ذبح بغير المنزوع، ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: "أنهر الدم بما شئت" ويروى "أفر الأوداج بما شئت" وما رواه محمول على غير المنزوع فإن الحبشة كانوا يفعلون ذلك، ولأنه آلة جارحة فيحصل به ما هو المقصود وهو إخراج الدم وصار كالحجر والحديد، بخلاف غير المنزوع لأنه يقتل بالثقل فيكون في معنى المنخنقة، وإنما يكره لأن فيه استعمال جزء الآدمي ولأن فيه إعسارا على الحيوان وقد أمرنا فيه بالإحسان.

قال: "ويجوز الذبح بالليطة والمروة وكل شيء أنهر الدم إلا السن القائم والظفر القائم" فإن المذبوح بهما ميتة لما بينا، ونص محمد رحمه الله في الجامع الصغير على أنها ميتة

<<  <  ج: ص:  >  >>