لأنه وجد فيه نصا. وما لم يجد فيه نصا يحتاط في ذلك، فيقول في الحل لا بأس به وفي الحرمة يقول يكره أو لم يؤكل.
قال:"ويستحب أن يحد الذابح شفرته" لقوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" ويكره أن يضجعها ثم يحد الشفرة لما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أنه رأى رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته فقال: لقد أردت أن تميتها موتات، هلا حددتها قبل أن تضجعها"
قال:"ومن بلغ بالسكين النخاع أو قطع الرأس كره له ذلك وتؤكل ذبيحته" وفي بعض النسخ: قطع مكان بلغ. والنخاع عرق أبيض في عظم الرقبة، أما الكراهة فلما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام:"أنه نهى أن تنخع الشاة إذا ذبحت" وتفسيره ما ذكرناه، وقيل معناه: أن يمد رأسه حتى يظهر مذبحه، وقيل أن يكسر عنقه قبل أن يسكن من الاضطراب، وكل ذلك مكروه، وهذا لأن في جميع ذلك وفي قطع الرأس زيادة تعذيب الحيوان بلا فائدة وهو منهي عنه.
والحاصل: أن ما فيه زيادة إيلام لا يحتاج إليه في الذكاة مكروه. ويكره أن يجر ما يريد ذبحه برجله إلى المذبح، وأن تنخع الشاة قبل أن تبرد: يعني تسكن من الاضطراب، وبعده لا ألم فلا يكره النخع والسلخ، إلا أن الكراهة لمعنى زائد وهو زيادة الألم قبل الذبح أو بعده فلا يوجب التحريم فلهذا قال: تؤكل ذبيحته.
قال:"فإن ذبح الشاة من قفاها فبقيت حية حتى قطع العروق حل" لتحقق الموت بما هو ذكاة، ويكره لأن فيه زيادة الألم من غير حاجة فصار كما إذا جرحها ثم قطع الأوداج "وإن ماتت قبل قطع العروق لم تؤكل" لوجود الموت بما ليس بذكاة فيها.
قال:"وما استأنس من الصيد فذكاته الذبح، وما توحش من النعم فذكاته العقر والجرح" لأن ذكاة الاضطرار إنما يصار إليه عند العجز عن ذكاة الاختيار على ما مر، والعجز متحقق في الوجه الثاني دون الأول "وكذا ما تردى من النعم في بئر ووقع العجز عن ذكاة الاختيار" لما بينا. وقال مالك: لا يحل بذكاة الاضطرار في الوجهين لأن ذلك نادر. ونحن نقول: المعتبر حقيقة العجز وقد تحقق فيصار إلى البدل، كيف وإنا لا نسلم الندرة بل هو غالب. وفي الكتاب أطلق فيما توحش من النعم. وعن محمد أن الشاة إذا ندت في الصحراء فذكاتها العقر، وإن ندت في المصر لا تحل بالعقر لأنها لا تدفع عن