للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كلمة "نا" مشتركة بين الاثنين والجماعة، وإنما صح قوله:

إن للخير والشر مدى ... وكلا ذلك وجه وقبل١

لأن "ذا" في المعنى، مثلها في قوله تعالى: {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} ٢، أي: وكلا ما ذكر، وبين ما ذكر.

والثالث: أن يكون كلمة واحدة٣؛ فلا يجوز: كلا زيد وعمرو؛ فأما قوله:

كلا أخي وخليلي واجدي عضدا٤


١ لعبد الله بن الزبعري، أحد شعراء قريش، من قصيدة قالها بعد غزوة أحد، يتشفى بالمسلمين، وكان وقتئذ لا يزال على جاهليته، ثم أسلم بعد، وقبله النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمنه بعد فتح مكة.
اللغة والإعراب: مدى؛ المدى: غاية الشيء ونهايته. وجه: جهة، ومستقبل كل شيء وجهه. قبل، القبل: المحجة الواضحة. "للخبر" جار ومجرور خبر "إن" مقدم. "مدى" اسمها مؤخر. "وكلا" الواو عاطفة. "كلا" متبدأ مرفوع بضمة مقدرة على الألف. "ذلك" ذا: اسم إشارة مضاف إليه، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، "وجه" خبر المبتدأ. "وقبل" معطوفة على وجه؛ وسكن للشعر.
المعنى: إن للخير والشر غاية ونهاية، ينتهيان إليها ويقفان عندها، وكلاهما أمر معروف، يستقبله الإنسان ويعرفه، كما يستقبل الوجه. وضبطه بعضهم "قبل"؛ بكسر القاف، وفتح الباء، جمع قلبة؛ أي كلا من الخير والشر بمثابة القبلة التي يتوجه إليها المصلي.
الشاهد: إضافة "كلا" إلى مفرد لفظا، مثنى معنى؛ وهو ذلك؛ لأنه عائد على اثنين هما: الخير والشر.
٢ أي بين الفارض والبكر؛ والفارض: السنة، والبكر: الفتية، والعوان: النصف.
٣ فلا يضافان إلى كلمتين متفرقتين؛ لأنهما موضوعان لتأكيد المثنى.
٤ صدر بيت من البسيط لم ينسب لقائل معين، وعجزه:
في النائبات وإلمام الملمات
اللغة والإعراب: الخليل: الصديق. عضدا: سندا يعتمد عليه، ويركن إليه عند

<<  <  ج: ص:  >  >>