للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهند، ونحوهما (١)، وهو وهم (٢)؛ وإنما ذلك بمعنى: فلان، وفلانة (٣).

وأما قوله:

في لجة أمسك فلاناً عن فل (٤)

فقال ابن مالك:

(١) أي من أعلام الأناسي، فهما كنايتان عن علم شخصي لمن يعقل.

(٢) أي غلط.

(٣) أي أن الذي بمعنى زيد، ونحوهما من كناية الأعلام، هو: "فلان" و"فلانة"، لا "فل"، و"فلة". ويمكن دفع وهم ابن مالك؛ بأن أصل "فل" و"فلة" عنده وفلانة، فحذفت الألف والنون تخفيفا، وهو مذهب الكوفيين. ومهما يكن؛ فكل من "فل، فلة"، مبني على الضم دائماً في محل نصب سواء اعتبرا من المفرد العلم، أو النكرة المقصودة. واستعمالها في غير النداء، أو منادى منصوبًا، لا يكون إلا لضرورة شعرية.

(٤) عجز بيت من الرجز، أو بيت من مشطور الرجز، لأبي العجلي، يصف إبلا قد أقبلت متزاحمة واثارت غبارا، وقبله:

تضل منه إبلي بالهوجل

وهذا البيت من أرجوزة طويلة مشهورة، مطلعها:

الحمد لله العلي الأجلل … الواسع الفضل الوهوب المجزل

اللغة والإعراب: الهوجل: المراد هنا: المفازة الواسعة التي لا أعلام بها، ويطلق على الرجل الأهوج، لجة: هي الجلبة واختلاط الأصوات في الحروب. "منه" جار ومجرور متعلق بتضل. والهاء عائدة على الغبار في البيت قبله. "إبلي" فاعل تضم. "بالهوجل" متعلق به. "في لجة" متعلق بتضل أيضا، أو بتدافع الواقع مفعولا مطلقا لفعل محذوف؛ أي تدافعت الإبل تدافع، وذلك في قوله قبل:

تدافع الشيب ولم تقتل

"أمسك فلانا عن فل" الجملة في محل نصب مقولة لقول محذوف، صفة للجة، أي في لجة مقول فيها: أمسك … إلخ.

والمعنى: يصف الشاعر إبلا اقبلت متزاحمة متدافعة تثير الغبار، فشبهها في هذه الحالة، وقد ارتفعت أصواتها في الفلاة، يقوم شيوخ في لجة يدافع بعضهم بعضا، فيقال فيهم: أمسك فلانا عن فلان، أي أحجز بينهما. وقيل: إن صدر البيت هو: تدافع الشيب … إلخ؛ لأن العجز يتلاءم معه بدون هذا التكلف.

والشاهد: استعمال "فل" في غير النداء، وجرها بحرف الجر للضرورة. وهذا رأي ابن مالك؛ إذ يقول: "وجر في الشعر فل".

<<  <  ج: ص:  >  >>