فصل في: ما، ولا، ولات، وإن المعملات عمل ليس تشبيهًا بها:
أما "ما": فأعملها الحجازيون، وبلغتهم جاء التنزيل؛ قال الله -تعالى: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾، ﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾ (١). ولإعمالهم إياها أربعة شروط:
أحدها: ألا يقترن اسمها بـ"إن" الزائدة (٢)؛ كقوله:
بني غدانة ما إن أنتم ذهب (٣)
وأما رواية يعقوب (٤) "ذهبًا" بالنصب، فتخرج على أن "إن" نافية مؤكدة لما، لا زائدة.
فصل في: ما، ولا، ولات، وإن، المعملات عمل ليس تشبيهًا بها:
(١) "ما" نافية حجازية. "هن" اسمها مبني على الفتح في محل رفع. "أمهاتهم" خبرها منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث، والهاء مضاف إليه، والميم علامة الجمع.
(٢) فإن اقترن الاسم بها بطل عملها؛ لأنها عملت بالحمل على ليس، و"ليس" لا يقترن اسمها بإن. وقيد بالزائدة؛ لأنها إذا جاءت نافية لتأكيد النفي، لم يبطل عملها، بشرط أن يكون في الكلام ما يدل على ذلك.
(٣) صدر بيت من البسيط، أنشده ثعلب في أماليه، ولم ينسبه، وعجزه:
ولا صريف ولكن أنتم الخزف
اللغة والإعراب:
غدانة: حي من يربوع. صريف: فضة خالصة. خزف. هو الفخار، وبائعه خزاف. "بني" منادى بحذف الياء. "غدانة" مضاف إليه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. "ما" نافية مهملة. "إن" زائدة. "أنتم ذهب" مبتدأ وخبر. "ولا صريف" معطوف على ذهب. "ولكن" حرف استدراك. "أنتم الخزف" مبتدأ وخبر.
المعنى: يهجو بني غدانة ويقول: لستم يا بني غدانة من كرام الناس، ولا من أوساطهم، ولكنكم من الطبقة الدنيا ومن الأسقاط، فلم هذا التفاخر والتعاظم؟ وجعل الذهب مثلًا للأشراف، والفضة مثلًا لمن دونهم، وأراد بالخزف حثالة الناس.
الشاهد: إهمال "ما" لوقوع "إن" الزائدة بعدها.
(٤) هو أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق، المعروف بابن السكيت النحوي، وهو لقب أبيه أخذ النحو عن البصريين والكوفيين؛ كالفراء، وأبي عمرو الشيباني، وابن الأعرابي. =