للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا تكررت النعوت لواحد؛ فإن تعين مسماه بدونها، جاز إتباعها، وقطعها، والجمع بينهما (١)، بشرط تقديم المتبع، وذلك كقول خرنق (٢):

لا يبعد قومي الذين هم … سم العداة وآفة الجزر

النازلون بكل معترك … والطيبون معاقد الأزر

نحو: حضر محمد وعلي الخطيبان. وإن اختلفا؛ نحو: ضرب محمد عليا الكريمان، أو اختلف النسبة دون العمل، نحو: أعطيت محمدا أباه الفاضلان، وجب القطع.

(١) أي: بين القطع والإتباع، فيقطع البعض ويتبع البعض الآخر.

(٢) هي الخرنق بنت بدر بن مالك، من بني قيس بن ثعلبة؛ وهي أخت طرفة بن العبد لأمه، وهذان البيتان من بحر الكامل، من قصيدة في رثاء زوجها بشر بن عمرو بن مرثد، سيد بني أسد، ومن قتل معه في يوم القلاب: "اسم جبل بديار بني أسد".

اللغة والإعراب: لا يبعدن: دعاء خرج مخرج النهي؛ أي لا يهلكن؛ من البعد بمعنى الذهاب بالموت أو الهلاك. وهو مضارع. "بعد" من باب فرح. ومن عادة العرب إذا أرادوا الدعاء لشخص، يقولون له: لا تبعد، أو لا يبعد. وإذا أرادوا الدعاء عليه قالوا: بعدت، أو بعدا لك، وفي التنزيل: ﴿أَلا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُود﴾. العداة: جمع عاد؛ بمعنى العدو؛ أي أنهم بمنزلة السم للأعداء؛ يقتلونهم بلا رحمة. "آفة الجزر". الآفة اسم لكل ما يؤذي أو يهلك، والجزر: جمع جزور، وهي الغبلن يريد أنهم كرماء. "معترك": موضع الاعتراك والقتال. "معاقد": جمع معقد، وهو موضع عقد الإزار، والإزار: ما يشده الإنسان على وسطه، وكني بذلك عن طهارتهم وعفتهم عن الفحشاء. "لا" دعائية. "يبعدن" فعل مضارع مبني على الفتح لنون التوكيد الخفيفة. "قومي" فاعل يبعدن. "الذين" صفة لقومي، وما بعده صلة. "النازلون" نعت لقومي، أو خبر لمبتدأ محذوف. "والطيبون" كذلك. "معاقد" منصوب على التشبيه بالمفعول به؛ لأن "الطيبون" صفة مشبهة. "الأزر" مضاف إليه.

المعنى: تدعو لقومهما بالسلامة والنجاة، وتصفهم بالشجاعة، وأنهم للأعداء بمنزلة السم لا يبقون عليهم، وبالكرم؛ فهم يفنون الإبل ذبحا للضيفان، وبالإقدام؛ فهم لا يجبنون عن القتال في كل معركة. وهم مع هذا شرفاء بعيدون عن الخناء والفحشاء

<<  <  ج: ص:  >  >>