وشرطها: أن تكون نافية، وأن يكون المنفي الجنس، وأن يكون نفيه نصا (٢)، وألا يدخل عليها جار، وأن يكون اسمها نكرة (٣)، متصلا بها، وأن يكون خبرها أيضا نكرة؛ نحو: لا غلام سفر حاضر.
فإن كانت غير نافية لم تعمل، وشذ إعمال الزائدة في قوله:
لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها … إذا للام ذوو أحسابها عمرا (٤)
هذا باب "لا" العاملة عمل "إن":
(١) وتسمى "لا" النافية للجنس؛ أي: لكل فرد من أفراد الجنس، وتسمى كذلك "لا" التبرئة؛ لأنها تدل على تبرئة جنس اسمها كله من معنى خبرها.
(٢) أي: يقصد بها التنصيص على استغراق النفي للجنس كله، لا لنفي الوحدة.
(٣) لأنه على تقدير "من" الاستغراقية، وهي مختصة بالدخول على النكرات.
(٤) بيت من البسيط للفرزدق، من قصيدة يهجو فيها عمر بن هبيرة الفزاري.
اللغة والإعراب:
غطفان: اسم قبيلة. للام، اللوم: العذل والتعنيف. أحسابها: جمع حسب؛ وهو ما يعده الإنسان من مفاخر أصوله. "لو" شرطية. "تكن" فعل الشرط مجزوم بلم. "غطفان" اسم تكن. "لا" زائدة. "ذنوب" اسمها. "لها" متعلق بمحذوف خبرها، والجملة خبر تكن. "إذا" معمول للام الواقع جوابا للشرط. "ذوو" فاعل لام مضاف إلى أقسام. "عمرا" مفعول لام، والألف للإطلاق.
المعنى: لو لم يكن لغطفان ذنوب وأعمال مخزية، للاموا عمر الفزاري على تعرضه لنا، ولكنهم يعلمون أنهم مذنبون؛ ولذلك امتنع لومهم.
الشاهد: إعمال "لا" عمل "إن" مع زيادتها في قوله "لا ذنوب لها"، وهذا شاذ؛ لأن "لا" الزائدة لمجرد تأكيد الكلام وتقويته، ووجه زيادتها: أن المقصود ثبوت الذنوب لغطفان. وهو مستفاد من نفي النفي المعلوم من "لو"؛ لأنها تدل على امتناع شرطها، ومن "لم". أما "لا" فلم تفد شيئا؛ فدل ذلك على زيادتها. وبعضهم يجعلها نافية على حد: لو لم يخف الله لم يعصه؛ أي: لو كان لغطفان ذنوب للاموا عمرا؛ لأن ذنوبهم لا شيء بالنسبة إلى ذنوبه، فما بالك وهم لم يذنبوا.