حكاية الجمل مطردة بعد القول (٢) نحو: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ (٣)، ويجوز حكايتها على المعنى (٤)؛ فتقول في حكاية "زيد قائم": "قال عمرو قائم زيد" فإن كانت الجملة ملحونة تَعيّن المعنى على الأصح (٥). وحكاية المفرد في غير الاستفهام شاذة (٦).
(١) معناها لغة: المماثلة والمشابهة. أما في اصطلاح النحاة فهي: ذكر اللفظ المسموع وإعادة نطقه أو كتابته على هيئته، من غير تغيير شيء من حروفه أو حركاته أو إيراد صفته. وهي ثلاثة أنواع: حكاية جملة، وحكاية مفرد، وحكاية حال المفرد وصفته، وسيذكرها المصنف فيما يأتي على هذا الترتيب.
(٢) المراد: القول وما تصرف منه؛ من فعل أو وصف بأنواعه، وكذلك تطرد بعد السماع، وبعد الكتابة، والقراءة، ولا تقع الحكاية بعد غير ذلك إلا سماعًا.
(٣) هذا مثال للجملة الملفوظ بها بعد القول، ومثلها قوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ﴾، ﴿وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ وغير ذلك مما حكيت فيه الجملة على ترتيب اللفظ.
(٤) يراد بالمعنى: ما قابل لفظ المحكي عنه بهيئته وترتيبه، فيشمل تقديم بعض ألفاظ المحكي وتأخيرها، أو تغيير إعرابها.
(٥) وذلك ابتعادًا عن اللحن، وصونا للسان، وينبه عليه لئلا يتوهم أن اللحن نشأ من الحاكي؛ فإذا قال شخص:"حضر محمد" بجر محمد، وأريد حكاية قوله، قيل: قال فلان: "حضر محمد" لكنه جر "محمدًا". ومثال حكاية الجملة المكتوبة: كتب "سلام عليكم بما صبرتم" وقول من قرأ خاتم النبي: قرأت على فصه: "محمد رسول الله" ويتضح من هذا أن حكاية الجملة تطرد بعد القول، وبعد السماع، وبعد الكتابة، وبعد القراءة، ولا تقع بعد غير ذلك إلا سماعا كقول الشاعر:
وجدنا في كتاب بني تميم … أحق الناس بالركض المثار
(٦) هذا هو النوع الثاني، وأكثر ما يكون في الأعلام، ومحل شذوذ حكاية المفرد إذا قصد معناه. فإن قصد لفظه؛ بأن كان الحكم للفظ دون المعنى فلا شذوذ كقوله، ﵇=