فصل: تختص الفاء والواو بجواز حذفهما لدليل (١)، مثاله في الفاء: ﴿أَنِ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ﴾؛ أي: فضرب فانبجست (٢)، وهذا الفعل المحذوف معطوف على ﴿أَوْحَيْنَا﴾ (٣)، ومثاله في الواو قوله:
فما كان بين الخير لو جاء سالمًا … أبو حجر إلا ليال قلائل (٤)
(١) وتشاركهما في ذلك "أم" المتصلة؛ كقول الشاعر:
دعاني إليها القلب إني لأمره … سميع فما أدري أرشد طلابها
التقدير: أرشد طلابها أم غي؟ وقيل: إن الهمزة للتصديق؛ فلا تحتاج لمعادل.
(٢) أصله فضرب فانبجست، فتكون: ﴿انْبَجَسَتْ﴾، معطوفة على ﴿فَضَرْبَ﴾، المحذوفة.
(٣) أي: من قوله تعالى في سورة الأعراف: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ﴾، وإنما لم يكن العطف على أوحينا؛ كما هي القاعدة من أن المعطوفات عليه ما قبله مما يقتضيه المعنى.
(٤) بيت من الطويل، من قصيدة للنابغة الذبياني، يرثي فيها أبا حجر النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني.
اللغة والإعراب: معاني المفردات واضحة. "فما" الفاء عاطفة، و"ما" نافية. "بين الخير" بين ظرف، والخير مضاف إليه. وهو متعلق بمحذوف، خبر كان مقدم .. "إلا" أداة حصر. "ليال" اسمها مؤخر، مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة. "قلائل" صفة ليال "لو" شرطية غير جازمة. "جاء" فعل الشرط. "أبو حجر" أبو فاعل جاء، وحجر مضاف إليه. "سالمًا" حال من أبو حجر، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. وجملة الشرط وجوابه معترضة بين خبر كان واسمها.
المعنى: لم يكن بيني وبين ما كنت أرجو وأطمع فيه من خير ونعمة إلا مدة قليلة، لو سلم النعمان وجاء إلينا. ولكن القدر كان له بالمرصاد، فذهبت آمالي سدى.