هذا باب الأحرف الثمانية (١) الداخلة على المبتدأ والخبر:
فتنصب المبتدأ ويسمى اسمها، وترفع خبره ويسمى خبرها (٢).
فالأول والثاني "إنَّ" و"أنَّ": وهما لتوكيد النسبة (٣)، ونفي الشك عنها، والإنكار لها (٤).
والثالث "لكن": وهو للاستدراك والتوكيد (٥)؛ فالأول نحو: زيد شجاع لكنه بخيل. والثاني نحو: لو جاءني أكرمته لكنه لم يجئ (٦).
هذا باب الأحرف الثمانية الداخلة على المبتدأ والخبر:
(١) اعتبر المصنف منها "عسى" إذا كانت للرجاء بمعنى لعل، في لغة كما سيأتي.
(٢) فعملها عكس عمل "كان" وأخواتها، وهذا أحد الفروق بينهما. وثانيها: أن هذه حروف، وتلك أفعال وحروف. وثالثها: أن هذه الحروف يجب أن تكون في صدر الجملة، ما عدا أن المفتوحة كما سيأتي، بخلاف كان وأخواتها.
هذا: ومن العرب من ينصب بها الجزأين معا، كقول عمر بن أبي ربيعة:
إذا اسود جُنح الليل فلتأت ولتكن … خطاك خفافا إن حراسنا أسدا
والجمهور يمنعون ذلك، ويؤولون ما ورد منه على أن الجزء الثاني حال، والخبر محذوف؛ أي: إن حراسنا تلقاهم أسدا.
(٣) أي: توكيد نسبة الخبر للاسم.
(٤) فكلا الحرفين بمنزلة تكرار الجملة. ويكونان لمجرد التأكيد إن كان المخاطب عالما بالنسبة، ولنفي الشك فيها إن كان مترددا فيها. وإن كان منكرا لها، فهما لنفي الإنكار. والتوكيد لنفي الشك مستحسن، ولنفي الإنكار لازم، ولغيرهما لا ولا. ولا يستعملان إلا في تأكيد الإثبات.
(٥) الاستدراك هو: تعقيب الكلام بنفي ما يتوهم ثبوته أو إثبات ما يتوهم نفيه. وهذا يستلزم أن يسبقها كلام له صلة بمعموليها. وأن يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها في المعنى ومغايرا له. وتقع بعد النفي والإثبات. واستعمال "لكن" في الاستدراك هو الغالب فيها. وقد تستعمل لتأكيد النسبة وتقويتها في ذهن السامع، إيجابية كانت أو سلبية.
(٦) فهي هنا لتأكيد عدم المجيء، وهو مفهوم بدونها من كلمة "لو" الامتناعية التي تفيد نفي معنى ما بعدها.