فصل: تختص الإضافة اللفظية بجواز دخول "أل" على المضاف في خمس مسائل (١):
إحداها: أن يكون المضاف إليه بأل (٢)؛ كالجعد الشعر؛ وقوله:
شفاء وهن الشافيات الحوائم (٣)
(١) أما المحضة فلا تدخل "أل" فيها على المضاف؛ لئلا يلزم اجتماع معرفين على شيء واحد، أو إضافة المعرفة إلى النكرة، وأجاز الكوفيون دخول "أل" على المضاف إذا كان اسم عدد مضاف إلى معدود فيه "أل"؛ نحو: قرأت الثلاثة الكتب في الأربعة الأيام، وحجتهم في ذلك السماع، وكان القياس في اللفظية كذلك، لكن لما كانت الإضافة فيها على نية الانفصال، اغتفر ذلك فيها.
(٢) لأن رفع القبح عن نصب ما بعد الصفة المشبهة بالإضافة، لا يكون إلا بذلك الشرط كما بينا قريبا، وحمل عليها اسم الفاعل، والجعد: صفة مشبهة، من جعد شعره جعودة، ضد بسط.
(٣) عجز بيت من الطويل للفرزدق، من قصيدة قالها حين خرج قتيبة من مسلم الباهلي، على سليمان بن عبد الملك، وخلع طاعته، فقتل وجيء برأسه إلى سليمان، وصدره:
أبأنا بها قتلى وما في دمائها
اللغة والإعراب: أبأنا: قتلنا وعوضنا، يقال: أبأت فلانا بفلان -قتلت به، وجعلته بواء؛ أي عوضا به. والضمير في "بها" و"هن" للسيوف، وفي "دمائها" للقتلى.
الشافيات جمع شافية، اسم فاعل من الشفاء، الحوائم: العاطش، جمع حائمة، وهي التي تحوم حول الماء من العطش، والمراد المتشوقة للقتل، "أبأنا" فعل وفاعل. "بها" متعلق به، "وما" الواو للحال، و"ما" نافية في دمائها" جار ومجرور خبر مقدم ومضاف إليه.
"شفاء" مبتدأ مؤخر "وهن" الواو للحال وهن مبتدأ. "الشافيات" خبر. "الحوائم" مضاف إليه، والجملة حال.
المعنى: قتلنا بهذه السيوف قتلى منهم، وعوضنا بها قتلانا، ولكن ما سفك من دماء القتلى، لم يشف ما في قلوبنا من غيظ ورغبة في الانتقام؛ لأن من قتلنا غير أكفاء لنا، ولا وفاء في دمائهم لقتلانا، وإنما يشفي غيظ الصدور، وتهدأ حرارة الألم، إذا قتلنا مثل من فقدنا، والسيوف هي الشافيات التي بها تنال الثارات.
الشاهد: إضافة الوصف المقترن بأل، وهو "الشافيات"؛ لأن المضاف إليه مقترن بها، وهو "الحوائم".