وهي: أن تذهب بالفتحة إلى جهة الكسرة؛ فإن كان بعدها ألف ذهبت إلى جهة الياء، كالفُتَى، وإلا فالممال الفتحة وحدها، كنِعْمَة ويَسْحَر (٢).
وللإمالة أسباب تقتضيها (٣)، وموانع تعارض تلك الأسباب، وموانع لهذه الموانع تحول بينها وبين المنع.
هذا باب: الإمالة
(١) هي في اللغة: مصدر أملت الشيء إمالة، إذا عدلت به إلى الجهة التي هو فيها؛ من مال الشيء، إذا انحرف عن القصد، وفي الاصطلاح: ما ذكره المصنف وشدة الارتباط بين المعنيين واضحة؛ لأن الإمالة عدول بالفتحة أو الألف عن استوائهما، وجنوح بهما إلى الكسرة أو الياء، والغرض الأصلي منها: تناسب الأصوات وتقاربها، وصيرورتها من نمط واحد؛ وذلك أنك إذا نطقت بكلمة "ساجد" مثلا، كان في نطقك بالفتحة والألف تصعد واستعلاء، وبالكسرة بعد انحدار وتسفل، فيكون في الصوت شيء من الاختلاف والتنافر، فإن أميلت الألف قربت من الياء وامتزج بالفتحة طرف من الكسرة، فتقرب منها، وتصبح الأصوات من نمط واحد تقريبًا.
وقد تأتي الإمالة للتنبيه على أصل أو غيره، وسيأتي إيضاح ذلك كله.
والإمالة جائزة لا واجبة، فكل ما يمال يجوز عدم إمالته والرجوع إلى أصله.
وليس هنالك كلمة تمال إلا وفي العرب من يفتحها وهي تكون في الأسماء المتمكنة والأفعال غالبًا، وقد شاعت بين تميم ومن جاورهم من سائر أهل نجد؛ كأسد، وقيس أما أهل الحجاز فيفخمون بالفتح ولا يميلون إلا قليلا.
(٢) أراد بالمثالين: بيان أنه لا فرق بين أن تكون الفتحة قبل تاء التأنيث، أولا.
هذا: ويرى بعض النحاة أن الممال هو الفتحة وحدها؛ سواء كان بعدها ألف أم لا؛ لأن الألف ليست إلا فتحة؛ غير أنها طويلة في نحو: الفتى، وقصيرة في مثل "نعمة وسحر".
(٣) أي: تمال لأجلها، وهذه الأسباب قسمان: لفظي، وهو: الياء والكسرة الظاهرتان، ومعنوي، وهو: الدلالة على أحدهما.