للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- وقد اتخذ الكوفيون لهم مذهبًا خاصا يضاهي مذهب البصريين وينافسه، واختلفوا معهم في كثير من المسائل؛ لأن بعض القواعد التي قعدها البصريون جاءت نتيجة استقراء ناقص؛ فقد كان الكوفيون أكثر رواية للشعر من البصريين. وعلى رأس المذهب الكوفي: أبو جعفر الرؤاسي، وتلميذاه: الكسائي والفراء، واشتهر من علمائهم: هشام بن معاوية الضرير، وابن السكيت، وابن الأعرابي، والطوال، وابن سعدان، وثعلب، وابن كيسان، والأنباري، ونفطويه.. إلخ. وينقسم نحاة الكوفة إلى ست طبقات.

٦- وقد حدثت بين أصحاب المذهبين مناقشات، وخلافات، ومنازعات ومناظرات١، ابتدأت هادئة بين الخليل من البصريين، والرؤاسي من الكوفيين، ثم اشتدت بين سيبويه والكسائي وأتباعهما. وقد كان لهذه العصبية العلمية التي نشأت عن العصبية السياسية أثر عظيم في خدمة العلم، والتسابق في تجليته. واستمر الخلاف إلى أواخر القرن الثالث الهجري، ثم خفت حدة النزاع والجدل، وتقارب المذهبان حين التقى الكوفيون بالبصريين في بغداد بعد قليل.

ثم جاء بعد ذلك من عرض المذهبين ونقدهما، واختار منهما مذهبًا خاصا، وعلى رأس هؤلاء: العالم الثقة، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري الكوفي المتوفى سنة ٢٩٦هـ. فقد مزج المذهبين وإن كان إلى البصريين أميل.


١- حدثت مناظرة بين سيبويه والكسائي أمام يحيى البرمكي، انتصر فيها الكسائي بالاتفاق مع بعض العرب في المسألة المعروفة بمسألة "العقرب" أو "المسألة الزنبورية"، وأخرى بين الكسائي وبين اليزيدي، انتصر فيها اليزيدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>