اعمل أن الإخبار إن كان بالذي أو أحد فروعه (١) اشترط للمخبر عنه سبعة شروط:
أحدها: أن يكون قابلا للتأخير (٢)؛ فلا يخبر عن "أيهم" من قولك أيهم في الدار؟
لأنك تقول حينئذ: الذي هو في الدار أيهم، فتزيل الاستفهام عن صدريته (٣)، وكذا القول في جميع أسماء الاستفهام، والشرط، و"كم" الخبرية، و"ما" التعجبية، وضمير الشأن، لا يخبر عن شيء منها لما ذكرنا (٤).
وفي التسهيل: أن الشرط أن يقبل الاسم أو خلفه التأخير، وذلك لأن الضمائر المتصلة؛ كالتاء من قمت -يخبر عنه مع أنها لا تتأخر، ولكن يتأخر خلفها وهو الضمير المنفصل، فتقول: الذي قام أنا.
الثاني: أن يكون قابلًا للتعريف؛ فلا يخبر عن الحال، والتمييز؛ لأنك لو قلت في جاء زيد ضاحكا:"الذي جاء زيد إياه ضاحك" كنت قد نصبت الضمير على الحال، وذلك ممتنع؛ لأن الحال واجب التنكير، وكذا القول في نحوه (٥)، وهذا القيد لم يذكره
(١) أي: من موصول؛ للتأنيث والتثنية، والجمع.
(٢) وذلك لما سبق بيانه؛ من أنه يجب تأخير ذلك الاسم إلى نهاية الجملة؛ وجعله خبرًا عن الذي وفروعه.
(٣) وقد أجاز ذلك ابن عصفور والمبرد ومن تبعهما؛ بشرط تقدم اسم الاستفهام ونحوه، فيقال: أيهم الذي هو في الدار، ويعرب "أيهم" خبرًا مقدما، و"الذي" مبتدأ مؤخر، وهم يجيزون تقديم الخبر في هذا الباب. وقيل: أيهم مبتدأ والذي خبره، والصواب رأي الجمهور من عدم جواز هذا ونحوه.
(٤) أي: من استلزامه إزالة ما له صدر الكلام عن موضعه اللازم له وهو الصدرية، ومثل ما ذكر: ضمير الفصل على القول بأنه اسم؛ فلا يخبر به لئلا يخرج عما له من لزوم التوسط.
(٥) فلا يجوز في نحو: اشتريت خمسين فدانًا، الذي اشتريت خمسين إياه فدان، ولا في نحو: كرم محمدًا نفسًا، التي كرم محمد إياها نفس، لأن الضمير الواقع بدلا ملازم للتعريف، ونصبه على التمييز غير جائز.