وهذا من باب تسمية الكل باسم الجزء (٢)؛ كتسميتهم الكلام كلمة. وحقيقة الأمر: أن أفعال الباب ثلاثة أنواع:
ما وضع للدلالة على قرب الخبر (٣)؛ وهو ثلاثة: كاد، وأوشك، وكرب.
وما وضع للدلالة على رجائه (٤)؛ وهو ثلاثة: عسى، واخلولق، وحرى.
وما وضع للدلالة على الشروع فيه، وهو كثير؛ ومنه أنشأ، وطفق، وجعل، وعلق، وأخذ (٥). وتعمل عمل "كان"، إلا أن خبرهن يجب كونه جملة (٦)، وشذ مجيئة مفردا بعد "كاد" و"عسى"؛ كقوله:
هذا باب أفعال المقاربة:
(١) هي أفعال ناقصة، تعمل عمل "كان"، وتدل على قرب زمن وقوع الخبر من الاسم قربا كبيرا.
(٢) الأولى أن يقول: من باب التغليب؛ لأن تسمية الكل باسم الجزء؛ إنما تكون بإطلاق اسم الجزء على ما تركب منه ومن غيره؛ كتسمية المركب كلمة. أما تسمية الأشياء المجتمعة من غير تركيب باسم بعض، فيسمى تغليبًا؛ كما هنا.
(٣) أي: قرب معناه من مسمى الاسم وإن لم يقع، بل قد يستحيل وقوعه؛ نحو قوله -تعالى: ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ﴾، ولهذا تسمى: أفعال المقاربة.
(٤) أي: رجاء المتكلم، وأمله وطمعه في وقوعه، وترقب حصوله، إذا كان شيئا محبوبا مرغوبًا فيه. والإشفاق؛ أي: الخوف منه، وإذا كان أمرا مكروها؛ وتسمى أفعال الرجاء.
(٥) ومنه كذلك: شرع، وأقبل، وجعل، وهب، وقام. وتسمى هذه الأفعال: أفعال الشروع، أي: البدء في دخول الاسم في الخبر.
(٦) إنما وجب ذلك؛ لأن الحكم يتوجه إلى مضمون الجملة.