للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: في إبدال الميم]

أبدلت وجوبا من الوا في "فَم"، وأصله فَوَه، بدليل أفواه (١)، فحذفوا الهاء تخفيفًا، ثم أبدلوا الميم من الواو (٢)، فإن إضيف رُجع به إلى الأصل فقيل: فُوك، ورُبّما بَقِيَ الإبدال نحو: "لَخَلُوف فَمِ الصَّائِمِ" (٣).

ومن النون بشرطين، سكونها، ووقوعها قبل الياء، سواء كانا في كلمة أو كلمتين نحو: ﴿انْبَعَثَ﴾، ﴿مَنْ بَعَثَنَا﴾ (٤)، وشذوذ في نحو قوله:

(١) لأن التكسير من الأشياء التي ترد الألفاظ إلى أصولها.

(٢) لأنهما من مخرج واحد.

(٣) هذا جزء من حديث، وتمامه " … أطيب عند الله من ريح المسك"، والخلوف: تغير رائحة الفم، يقال: خلف فم الصائم: تغيرت رائحته كأخلف، ومثل الحديث قول رؤبة:

يصبح ظمان وفي البحر فمه

(٤) الأولى من الآية ١٢ من سورة الشمس ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾، والثانية من الآية ٥٢، من سورة يس ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾، ومثل النون: التنوين نحو: مؤمن بالله. قال الناظم مشيرا إلى ما تقدم من إبدال الميم من النون:

وقيل "يا" اقلب ميما النون إذا … كان مسكنا كمن بت ابنذا*

أي: تقلب حرف النون ميما؛ إذا كان النون مسكنا قبل الحرف. "يا" مثل: من بت انبذا؛ أي: من قطع مودته فانبذه واتركه ولا تبال به، وهذا المثال حوى صورة النون الساكنة، قبل الباء في كلمة هي "انبذا"، وفي كلمتين وهما: "من بت" وأرجو أن يلاحظ: أن قلب النون ميما إنما هو في النطق لا غير، أما كتابة فتبقى صورة النون على حالها هذا: وكثيرا ما يعبر عن إبدال النون ميما بالقلب، كما فعل الناظم، والأولى أن يعبر عنه بالإبدال؛ لما عرفت من أن القلب إنما يكون في حروف العلة أو الهمزة.


* "وقيل" ظرف متعلق باقلب. "يا" بالقصر مضاف إليه. "ميما" مفعول اقلب الثاني. "النون" مفعوله الأول. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط، "كان" فعل ماض ناقص، واسمها يعود إلى النون. "مسكنا" خبرها، وجواب إذا محذوف لدلالة ما سبق عليه. "كمن" الكاف جارة لقول محذوف ومن اسم الشرط، وجملة، "بت" فعل الشرط، و"انبذا" جوابه على إضمار الفاء للضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>