وأعلم إن تسليما وتركًا … للا متشابهان ولا سواء (٥)
(١) سميت كذلك؛ لأنها تدخل على المبتدأ كثيرا، وتدخل على غيره؛ كخبر "إن" المكسورة. وهذه اللام مفتوحة؛ وفائدتها: توكيد مضمون الجملة المثبتة، وإزالة الشك عن معناها أو إنكارها، وتسمى "اللام المزحلقة"؛ ويقول النحاة في سبب تسميتها بذلك: إن مكانها الأصلي الصدارة في الجملة الاسمية، لكن لما كانت للتوكيد، و"إن" تفيد التوكيد، كرهوا الجمع بين حرفين لمعنى واحد، فقدمت "إن" لأنها عاملة، وزحلقت اللام إلى الخبر؛ والواقع أن السبب هو استعمال العرب.
(٢) يزاد على هذه الشروط: ألا يكون الخبر جملة شرطية؛ فلا يقال: إن محمدًا لئن تكرمه يجلك؛ لأن هذه اللام لا تدخل على أداة الشرط، ولا على فعله أو جوابه، وما اجتمعت فيه الشروط قد يكون مفردا، أو مضارعا، أو ظرفا، أو جارا ومجرورا، أو جملة اسمية، وقد مثل لها المصنف.
(٣) وذلك لتقدم الخبر، وقد عرفنا أن الخبر في هذا الباب، لا يتقدم إلا إذا كان شبه جملة.
(٤) لأن الخبر منفي؛ فيجب حذفها قبل أدوات النفي.
(٥) بيت من الوافر، لأبي حزام، غالب بن الحارث العكلي.
اللغة والإعراب: تسليما، أي: على الناس، أو للأمور. تركًا: كذلك. متشابهان: متقاربان. سواء متساويان. "تسليما" اسم إن. "وتركا" عطف عليه. "للا" اللام للابتداء، و"لا" نافية. "متشابهان" خبر إن مثنى مرفوع بالألف. "ولا سواء" معطوف على متشابهان.
المعنى: أعلم وأعتقد أن التسليم على الناس وتركه، أو تسليم الأمور لذويها وتركه، ليسا متساويين، ولا قريبين من السواء. وكان ينبغي أن يقول: للا سواء ولا متشابهان؛ لأن نفي التشابه ينفي الاستواء بالأولى، بخلاف العكس، ولكنه عكس لضرورة الشعر.
الشاهد: دخول لام الابتداء في خبر "إن" المنفي بلا، وذلك شاذ. وذهب ابن عصفور والفراء إلى أن الهمزة مفتوحة، واللام زائدة، وليست للابتداء.