وبخلاف نحو: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى﴾ (١). وأجاز الأخفش والفراء وتبعهما ابن مالك:"إن زيدًا لنعم الرجل، ولعسى أن يقوم"(٢)؛ لأن الفعل الجامد كالاسم. وأجاز الجمهور: إن زيدا لقد قام (٣)، لشبه الماضي المقرون بقد بالمضارع؛ لقرب زمانه من الحال. وليس جواز ذلك (٤) مخصوصًا بتقدير اللام للقسم لا للابتداء؛ خلافًا لصاحب الترشيح (٥). وأما نحو: إن زيدا لقام؛ ففي الغرة (٦) أن البصري والكوفي على منعها إن قُدِّرت للابتداء (٧).
(١) لأن الخبر ماض.
(٢) أي: من كل جملة فعلية، فعلها ماض غير متصرف، ما عدا ليس؛ فإنه يمتنع دخول اللام عليها.
(٣) ومثله كل فعل ماض متصرف، اقترن بكلمة "قد" فتصحبها اللام.
(٤) أي: جواز دخول اللام على "قد".
(٥) حيث ذهب إلى منع دخول لام الابتداء، على الماضي المقترن بقد، وإذا ورد دخولها عليه، قدرت لام جواب لقسم محذوف، والتقدير في المثال: إن زيدا والله لقد قام. وصاحب الترشيح: هو أبو بكر خطاب بن يوسف المارودي، كان من كبار النحاة ومحققيهم، والمتقدمين في علوم اللسان عامة، تصدر لإقراء العربية طويلا وصنف فيها، واختصر الزاهر لابن الأنباري، وكان يقرض الشعر بإجادة، وينقل عنه أبو حيان وابن هشام كثيرا، وتوفي بعد سنة ٤٥٠ هـ.
(٦) كتاب الغرة هو: شرح اللمع لابن جني، ومؤلفه: سعيد بن المبارك، المعروف بابن الدهان، كان من أعيان النحاة وأفاضل اللغويين، حتى قيل: كان سيبويه عصره، أخذ عنه الرماني، وعنه أخذ التبريزي، وصنف كثيرا من الكتب؛ في النحو والعروض والتفسير والرياضة، وشرح الإيضاح في أربعين مجلدا. وتوفي بالموصل ليلة عيد الفطر سنة ٥٦٩ هـ، ويوجد من كتاب الغرة نسخة بدار الكتب المصرية.
(٧) لأن الفعل ماض غير جامد، وغير مقرون بقد، فيمتنع دخول لام الابتداء عليه، فإن قدرت اللام للقسم جاز، ويكون التقدير إن زيدا -والله- لقام.