للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والمستثنى "بحاشا" عند سيبويه مجرور لا غير (١)، وسمع غيره النصب، كقوله: اللهم اغفر لي ولمن يسمع، حاشا الشيطان وأبا الأصبغ (٢)، والكلام في موضعها، جارة وناصبة، وفي فاعلها، كالكلام في أختيها (٣).

ولا يجوز دخول "ما" عليها (٤)، خلافا لبعضهم (٥)، ولا دخول "إلا"، خلافا

شئت، وهما: خلا، وعد، على اعتبارهما حرفي جر، وإذا سبقتهما "ما" المصدرية، فانصب ما بعدهما حتما على اعتبارهما فعلين، وقد ورد الجر قليلا عن بعض العرب في أمثلة مسموعة لا يقاس عليها، وأوله بعضهم على أن "ما" زائدة، وإن جررت بخلا، وعدا فهما حرفا جر، وإن نصبت بهما فهما فعلان بلا خلاف في ذلك.

(١) أي على اعتبار أنها حرف جر، والصواب أن ذلك هو الكثر فيها.

(٢) هذا كلام منثور وليس بنظم، و"أبو الأصبغ" اسم رجل رمي بالخسة والدناءة، وجعل قرينا للشيطان، لالتحاقه به في قبح الأفعال. "الشيطان" منصوب بحاشا على أنها فعل ماض، و"أبا" معطوف عليه، "الأصبغ" مضاف إليه. وجيء بحاشا هنا للتهكم؛ لأنها إنما يستثنى بها في مقام تنزيه المستثنى عن نقص ما، والمغفرة أمر حسن لا يتنزه أحد عنه، ولكنه بالغ في تقبيح فعل الشيطان، وأبي الأصبغ وخستهما وذمهما، حتى كأن المغفرة تنقص بهما، فيجب أن تتنزه عنهما وألا تتعلق بأمثالهما.

(٣) وهما: عدا، وخلا، وقد شرحناهما قريبا.

(٤) أي سواء كانت مصدرية أو زائدة، وهذا رأي ابن مالك كما ذكر في النظم، إذ يقول:

وكخلا حاشا ولا تصحب "ما" ...... … ... … ... … ... … ...

وما ورد مما يفيد غير ذلك، فشاذ عنده.

(٥) فقد أجاز دخول "ما" عليها مستدلا بقوله : "أسامة أحب الناس إلي ما حاشا فاطمة"، ورد بأن جملة "ما حاشا فاطمة"، مدرجة من كلام الراوي، وليست من الحديث، أي أنه لم يستثن فاطمة، فتكون "ما" نافية لا مصدرية، و"حاشا" فعل متعدل متصرف بمعنى أستثني، وكذلك استدل بقول الأخطل:

رأيت الناس ما حاشا قريشا … فإنا نحن أفضلهم فعالًا

وأجيب بأن هذا شاذ، ومفعول رأى الثاني محذوف، أي دوننا، وقيل: رأى، من الرأي فتكتفي بمفعول واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>