فصل: وتفتقر كل الموصولات إلى صلة (١) متأخرة عنها (٢)، مشتملة على ضمير مطابق لها (٣) يسمى العائد (٤).
(١) لأنها مبهمة المعنى، غامضة المدلول، لا تدل على شيء معين؛ فلا بد لها من شيء يعرفها، ويزيل إبهامها وغموضها.
(٢) لأنها مكملة للموصول؛ فهي منه بمنزلة جزئه المتأخر؛ ولهذا لا يجوز تقديمها، ولا شيء منها عليه.
(٣) أي: ليربطها بالموصول، وهذه المطابقة تكون في اللفظ والمعنى، إذا كان الموصول مختصا؛ فيطابق في الإفراد والتأنيث وفروعهما؛ فإذا كان الموصول عاما -أي: مشتركًا؛ كـ"من" و"ما" وأخواتهما- فيجوز مراعاة اللفظ وهو الأكثر؛ إذا أمن اللبس، وفي غير "أل"، وإلا وجبت مراعاة المعنى. ويجوز مراعاة المعنى، وهو كثير على النحو الذي بيناه عند الكلام عليها. وهذا في الموصولات الاسمية؛ أما الموصول الحرفي فصلته لا تحتاج إلى رابط كما أسلفنا.
(٤) سمي بذلك؛ لعوده على الموصول، وقد يغني عن الضمير في الربط -لسبب بلاغي أو نحوه- اسم ظاهر بمعنى الموصول؛ نحو قولهم في خطاب الله:"أنت الذي في رحمة الله أطمع"؛ أي: في رحمته. قيل: وقد تستغني جملة الصلة عن الرابط إذا عطفت عليها، بالفاء، أو الواو، أو ثم، جملة أخرى مشتملة عليه؛ نحو: البطل الذي يشتد الهجوم فيثبت. وفيما تقدم يقول ابن مالك:
وكلها يلزم بعده صله … على ضمير لائق مشتمله*
أي: كل الموصولات تحتاج بعدها إلى صلة؛ وهذه الصلة لا بد أن تشتمل على
ضمير لائق؛ أي: مطابق للموصول، قد عرفنا أن هذا الرابط خاص بصلة الموصول الأسمي؛ دون الحرفي.
* "وكلها" مبتدأ ومضاف إليه، والضمير عائد على الموصولات الاسمية لا غير. "يلزم بعده صلة" الجملة من الفعل والفاعل خبر المبتدأ، والضمير في بعده عائد على كل. "على ضمير" متعلق بمشتملة. "لائق" صفة لضمير. "مشتملة" نعت لصلة.