للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النحو والصرف. وما جد في العصور المتتالية وفي جميع الأمصار- إنما هو شرح وتفصيل وتنظيم وتكميل لهذا التراث العظيم. فجزاهم الله بما قدموا من عمل أحسن الجزاء.

وقد ألف أبو البقاء العكبري المتوفى سنة ٦١٦ هـ كتابًا أسماه: "التبيين في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين". كما ألف الإمام الجليل كمال الدين أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي المتوفى سنة ٥٧٧ هـ كتابًا أسماه "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" وهو كتاب فريد في بابه، ذكر فيه مائة وإحدى وعشرين مسألة.

ولعل من المفيد أن أعرض بعض أمثلة من هذه المسائل التي وقع فيها الخلاف، ليقف الدارس على وجهة نظر كل من الفريقين وما احتج به.

[١ - العطف على موضع اسم "إن" بالرفع قبل تمام الخبر]

أجازه الكوفيون محتجين بالنقل، مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ﴾ بعطف ﴿وَالصَّابِئُونَ﴾ على موضع اسم إن بحسب الأصل قبل تمام الخبر وهو ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ وورد في كلام العرب: إنك وزيد ذاهبان. ذكر ذلك سيبويه في كتابه، والقياس لا يمنع العطف على الموضع قبل تمام الخبر مع "لا" فكذلك "إن" ويمنعه البصريون ويؤولون ما ورد من ذلك:

٢ - وقوع الفعل الماضي حالًا:

أجازه الكوفيون محتجين بالنقل والقياس. أما النقل فقوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ فحصرت فعل ماض، وهو موضع الحال من جاءوكم. ويؤيد قراءة: "حَصِرَةً صُدُورُهُمْ" وقول الشاعر أبي صخر الهذلي:

وإني لتعروني لذكراك هزة … كما انتفض العصفور بلله القطر

<<  <  ج: ص:  >  >>