فصل: تثنية اسم الفاعل وجمعه، وتثنية أمثلة المبالغة وجمعها، كمفردهن في العمل والشروط (١)؛ قال الله تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (٢)، وقال الله تعالى: ﴿هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ﴾ (٣)، وقال: ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ﴾ (٤)، وقال الشاعر:
تأويل مصدر فاعل أتاني. "عرضي" مفعول لمزقون، والباقي واضح.
المعنى: يقول عن قوم توعدوه بالشر: بلغني أن هؤلاء القوم يتطاولون علي، وينالون عرضي بالقدح والذم، ولست أعبأ بهؤلاء، ولا أصغي لترهاتهم؛ فهم عندي كالجحوش التي ترد هذا الماء، وتتزاحم عليه، وهي تنهق وتصيح، وتحدث جلبة كاذبة.
الشاهد: إعمال صيغة المبالغة، وهي "مزقون"؛ فإنه جمع مزق، كاسم الفاعل، وهو معتمد على مخبر عنه؛ وهو اسم إن.
(١) - وفي ذلك يقول الناظم:
وما سوى المفر مثله جعل … في الحكم والشروط حيثما عمل*
أي أن غير المفرد -من اسم الفاعل وأمثلة المبالغة- مثل المفرد في العمل والشروط المتقدمة، ولا فرق بين أن يكون الجمع جمع مذكر سالما، أو جمع مؤنث، أو جمع تكسير هذا: وإعمال أمثلة المبالغة رأي سيبويه وأصحابه، وحجتهم السماع، والحمل على أصلها؛ وهو اسم الفاعل؛ لأنها محولة عنه لقصد المبالغة. ويمنع الكوفيون إعمال شيء منها، وحملوا المنصوب بعدها على تقدير فعل، كما منعوا تقديمه عليها. ويرده قول العرب:"أما العسل فأنا شرابٌ". ولم يجز بعض البصريين إعمال "فعيل" و"فعل".
(٢) - لفظ الجلالة منصوب بالذاكرين، وهو جمع ذاكر، وفاعله مستتر فيه. ولا يحتاج لشرط؛ لاقترانه بأل.
(٣) - "هن" مبتدأ. "كاشفات" خبر، وهو جمع كاشفة، وفاعلها مستتر فيها. "ضره" مفعول، ومضاف إليه، وهي معتمدة على مخبر عنه؛ وهو "هن".
(٤) - "خشعًا" جمع خاشع. "أبصارهم" فاعل به لاعتماده على صاحب الحال.
* "وما" اسم موصول مبتدأ. "سوى المفرد" سوى ظرف متعلق بمحذوف، صلة ما. "المفرد" مضاف إليه. "مثله" مفعول ثان مقدم لجعل الواقع خبرا للمبتدأ. "في الحكم" متعلق بجعل. "والشروط" معطوف على الحكم، "حيثما" ظرف متعلق بجعل، و"ما" زائدة. "عمل" الجملة في محل جرب بإضافة حيث إليها.