للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي بين الخير وبيني، وقولهم: راكب الناقة طليحان؛ أي: والناقة (١).

وتختص الواو بجواز عطفها عاملاً قد حذف وبقي معموله؛ مرفوعاً كان؛ نحو: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾؛ أي: وليسكن زوجك (٢).

أو منصوباً؛ نحو: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ﴾، أي: وألفوا الإيمان.

أو مجرورًا؛ نحو: "ما كل سوداء تمرة، ولا بيضاء شحمة"؛ أي: ولا كل بيضاء (٣).

وإنما لم يجعل العطف فيهن على الموجود في الكلام، لئلا يلزم في الأول رفع فعل الامر للاسم الظاهر (٤)، وفي الثاني: كون الإيمان متبوًا؛ وإنما يتبوأ المنزل (٥). وفي الثالث: العطف على معمولي عاملين (٦). ولا يجوز في الثاني أن يكون الإيمان مفعولًا معه؛ لعدم

الشاهد: حذف الواو ومعطوفها؛ وهو "وبيني"، والدليل على ذلك: أن كلمة "بين" يجب أن تضاف لمتعدد كما أسلفنا.

(١) قول لبعض العربن ومعنى طليحان: متعبان ضعيفان. والدليل على المحذوف تثنية الخبر، ويقاس على هذا: كل مبتدأ مضاف، أخبر عنه بخبر مطابق في التثنية أو الجمع للمضاف مع المضاف إليه، من غير عطف.

(٢) ﴿زَوْجُكَ﴾، فاعل بفعل محذوف، معطوف على ﴿اسْكُنْ﴾ بالواو، من عطف فعل الأمر على الأمر، والآية بعده من عطف الجملة على الجملة.

(٣) "بيضاء" مجرور بمضاف محذوف، معطوف على "كل"، كما ذكر المصنف.

(٤) ﴿زَوْجُكَ﴾، فاعل بفعل محذوف، معطوف على ﴿اسْكُنْ﴾، المستتر لكان شريكه في عامله، والأمر لا يرفع الظاهر.

(٥) أي: لو جعل ﴿الإِيمَانِ﴾، معطوفًا على ﴿الدَّارِ﴾، لكان معمولا لتبوءوا، والتبوؤ معناه التهيؤ. وقيل: إنه يقال: تبوأ فلان الدار إذا لزمها، وعلى هذا يصح العطف، ولا يحتاج إلى تقدير عامل.

(٦) ذلك لأن "سوداء" معمول لـ"كل"، و"تمرة" معمول لـ"ما" فلو عطف بيضاء على سوداء، وشحمة على تمرة لزم ذلك المحذور، وهو غير جائز على الأصح عند الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>