ولو كانت لنفي الوحدة عملت عمل "ليس"(١)؛ نحو لا رجل قائما بل رجلان، وكذا إن أريد بها نفي الجنس لا على سبيل التنصيص (٢).
وإن دخل عليها الخافض خفض النكرة (٣)؛ نحو:"جئت بلا زاد، وغضبت من لا شيء" وشذ "جئت بلا شيء" بالفتح (٤).
وإن كان الاسم معرفة، أو منفصلًا منها (٥) أهملت،
(١) أو أهملت وتكررت، واختبار هذه أو تلك خاضع لما يقتضيه المعنى المراد.
(٢) أي: بل في الظاهر فقط؛ لعموم النكرة في سياق النفي. وإيضاح ذلك: أن "لا" إذا كان اسمها مفردا؛ مثل: لا رجل في الدار؛ فإن أريد نفي الخبر عن فرد واحد، وعن الجنس في الظاهر، كانت "لا" عاملة عمل "ليس"، ويصح أن يقال بعدها في هذا المثال: بل رجلان. وإن أريد نفي الجنس حقيقة، وتأكيد النص عليه، كانت عاملة عمل "إن"؛ ولا يصح أن يقال بعدها شيء. أما إذا كان الاسم مثنى أو مجموعا فلا يختلف المراد من النفي، فيحتمل نفي الخبر عن المثنى والجمع فقط، أو نفيه عن كل فرد من أفراد الجنس. والفرق بينهما يكون على حسب المراد؛ فالفرق الصحيح بين المراد من النفي في قسمي "لا" يظهر إذا كان الاسم مفردا.
(٣) لأن "لا" تتوسط بين عامل ومعموله، وتكون حينئذ ملغاة بين الجار والمجرور، وقد تخطاها حرف الجر وعمل فيما بعدها، مع دلالتها على النفي، ولا تعتبر زائدة؛ لأن المعنى يفسد على زيادتها، وقيل: إن "لا" اسم بمعنى "غير" مجرورة بكسرة مقدرة على الألف، وما بعدها مجرور بإضافتها إليه وهذا رأي حسن.
(٤) أي: على إعمال "لا" مع التركيب؛ فالباء جارة، و"لا شيء" في محل جر بالباء. وقد أجريا مجرى الاسم الواحد، باعتبار أن الجار دخل بعد التركيب؛ مثل خمسة عشر، و"شيء" اسم لا، ولا خبر لها؛ لأنها أصبحت فضلة.
(٥) هذا يستلزم الترتيب بين معموليها؛ فلا يجوز أن يتقدم خبرها ولا معموله على الاسم، ولو كان ظرفا أو جارا ومجرورا؛ لأن ذلك سيؤدي إلى الفصل بينهما وبين اسمها.